مولود بوفلجة/ جديد انفو
حطت العطلة أوزارها و عاد من تهيأت له فرصة السفر و الاستمتاع إلى موطنه و تأهب من قصرت ذات يده و كبل العوز قدماه عن السفر لاستقبال موسم دراسي جديد يشكل فرصة للانفلات من رتابة صيف حار طويل مديد
و الدخول المدرسي لحظة زمنية يتوحد جل المغاربة في استقبالها بانقباض و شد عصبي يستوي في ذلك الإداري و المدرس و التلميذ لأن المدرسة عندنا لم تكن فضاء رحبا مرحا يبعث على الانشراح و التقبل بل ارتبطت بالانضباطية الزائدة و لازالت كذلك ، بل ازداد النفور منها أو البرود على الأقل لأنها لم تعد بالضرورة سبيلا للارتقاء الاجتماعي.
الدخول المدرسي هذه السنة سبقه نقاش عمومي - سمي موسعا- عن التعليم ، انخرط فيه من له صلة بالمجال و من لا صلة له به اختزلت نتائجه في كلام فضفاض و توصيات عامة . و صاحبت الدخول و تزامنت معه لقاءات بهرجة مخصصة للتسويق و التصوير و مكرسة لثقافة العام زين
حل الموسم الجديد في ظل خصاص إضافي للموارد البشرية سببه انخراط مجموعة من المدرسين في عملية العد و الإحصاء. و كان قص الشريط كالمعتاد بتوقيع الأساتذة في بداية شهر شتنبر في عملية روتينية منحصرة في تسجيل الاسم و العنوان و رقم الهاتف عملية لا يبرر الزاميتها قبل البداية المفترضة بعشرة أيام ،في نظري ،سوى تلك النظرة العامة التي تستكثر على المدرسين العطلة الصفية فكان التواطؤ جماعيا من أجل تقزيمها و لو ''بسير واجي يهديك الله ''..
و بعد أيام من التوقيع يتم الاحتفاء بعيد المدرسة الذي لا نجد له صدى و لا أثرا و لا وجودا إلا في المؤسسات التي تعد خصيصا لتصوير الحدث و تسويقه إعلاميا..بعد ذلك توزع جداول الحصص و استعمالات الزمن على المدرسين، و التي يفترض أن تكون معدة في آخر السنة الماضية ،لكنها لا تنجز إلا أياما معدودة قبل الموعد لأن النظار و المديرين يجدون أنفسهم في الغالب أمام وضعية ضبابية و بنية تربوية غير محددة و أقسام مكتظة قد يكون فيها عدد التلاميذ أكبر من المقاعد تحت ضغط الخصاص في الموارد البشرية وضرورة ترشيدها على رقعة النيابة كمن يلزم نفسه بلبس جلباب أصغر من مقاسه خصوصا إذا علمنا أن مدن الهامش لا تنال من التعيينات الجديدة إلا ما فضل عن مدن المركز فخلقت الحكومات المتعاقبة على إفساد القطاع ،بتواطؤ مع المركزيات النقابية، مجموعة من التخريجات المخجلة و المؤلمة في نفس الآن كالمواد المتآخية و التدريس خارج السلك الرسمي و التدريس بمؤسسات متعددة والأقسام المشتركة و أساتذة سد الخصاص الذين تستعين بهم الدولة في انتهازية واضحة .... فيجد الناظر أو المدير نفسه-إن وجد- مضطرا إلى تغيير استعمالات الزمن مرات عديدة مع ما يصاحب ذلك من تعثر و إرباك للجميع.. فما اجتمع أستاذ و زميله في هذه الأيام إلا و كان حديث هذه الارتجالية ثالثهما فمنهم من نقل إلى أعالي الجبال و منهم من ينتظر و منهم من لازال كالمعلقة إلى حدود كتابة هذه الأسطر فتهدر ملايين الساعات في زمن تدبير الزمن المدرسي . و نستفسر هنا أين غابت حاسبة الحكومة التي تتعقب الأستاذ و الساعات التي أهدرها إن هو أضرب أو احتج لاكتساب حق مهدور، موظفة معادلاتها العجيبة لتأجيج الشارع ضده بإظهاره في صورة المتهرب من أداء واجبه .. أين هي الحكومة الآن لتتحمل مسؤوليتها في ما يحصل من تعثرات يذهب ضحيتها المدرس و التلميذ و مستقبل البلد على حد سواء.. نجد أنفسنا أمام خطابين على طرفي التناقض الصارخ: مطلب الجودة و الرقي بالتعليم ،من جهة، وواقع الارتجالية و التخبط و الخصاص في كل شيء ،من جهة ثانية. و من طرائف الأمور في هذا الباب أن هناك مؤسسات تعليمية عين أطرها و موظفيها سنة أو سنتين قبل إتمام أشغال البناء فيها كثانوية تافيلالت بالرشيدية و المرابطين بتنغير على سبيل التمثيل فقط .. ليتم اللجوء إلى الحلول الترقيعية بالاشتغال داخل إعدادية أو مدرسة ابتدائية و الأمر لا يجب أن يكون مدعى للغرابة إذا علمنا أن مقر النيابة بمدينة تنغير هو بإحدى المدارس الابتدائية، في حين خصص لقطاعات أخرى مقرات محترمة مما يؤكد غياب إرادة سياسية حقيقية لإقرار منظومة تعليمية جيدة و يؤكد أيضا أن قدر التعليم هو أن يبقى مجالا هامشيا في اهتمام أصحاب القرار ليظل وورشا مفتوحا إلى الأبد يجعل أبناء الشعب الذين لا يستطيعون الانخراط في موضة التعليم الخصوصي فئران تجربة تتعاقب عليهم الوزارات و البرامج و الإصلاحات. و أي وزراء و أي برامج و أي إصلاحات؟.
ارتباك البداية و عدم التحاق عدد من التلاميذ بأقسامهم تتحمل فيه الأسرة أيضا قسطا وفيرا من المسؤولية نظرا لعدم مواكبتها للأبناء و عدم تتبعها لمسارهم الدراسي و ظروف تمدرسهم و عدم ولوجها لأبواب المدرسة و المسؤولية ملقاة أيضا على جمعيات أمهات و اباء و أولياء التلاميذ و من باب إحقاق الحقيقة أيضا و من داخل المسؤولية فان بعض الأساتذة يسهمون في تكريس وضعية الاختلال لكونهم يتحججون بقلة التلاميذ أو عدم اكتمال عددهم لتنطلق القافلة كأن الأمر يتعلق بنصاب قانوني تستحيل الانطلاقة من دونه.
ملحوظة: أعتذر عن عدم تماسك المقال لأنني حاولت أن ألامس فيه قضايا من واقع التعليم المختل و المهلهل لذاك جاء مهلهلا مثله.