حنان الشاد
بعد خروج وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد أبت الطالب يوم الخميس 21 أكتوبر 2021 بقرار اجبارية العمل بجواز التلقيح ضد كوفيد 19 كشرط لولوج الادارات العمومية والفضاءات المغلقة عموما، أصبح المغرب بكافة مكوناته مهددا بتقييد الحرية و أيضا الاستقرار والأمن الاجتماعيين.
هذه الخطوة التي عبرت عنها الحكومة بأنها أتت لتعزيز التطور الايجابي الذي تعرفه الحملة الوطنية للتلقيح وتبعا لتوصيات اللجنة العلمية والتقنية.إلا أنها تتناقض وكون التلقيح يظل اختياريا، خاصة وأن هذا القرار يصعب تطبيقه في المقاهي والمطاعم التي تضرر أربابها والعاملون بها جراء الجائحة، فكيف سيوصدون الأبواب في وجه الزبائن بمطالبتهم بالادلاء بجواز التلقيح.
وتجدر الاشارة الى أنه قد تلقى أكثر من 21 مليون شخص جرعتي اللقاح حسب آخر حصيلة رسمية، كما استفاد قرابة 800 ألف منهم من جرعة ثالثة بدأ الهمل بها مطلع أكتوبر.
بالمقابل وبموجب هذا القرار، لم تحدد الحكومة الجهة المسؤولة عن مراقبة حمل المواطنين لجواز التلقيح، رامية بذلك على عاتق مسؤولي الادارات العمومية والفنادق والمقاهي والمحلات التجارية، الأمر الذي أثار ردود أفعال رافضة على مواقع التواصل الاجتماعي وبوقفات احتجاجية بكل مناطق المملكة منددة ب" تقييد الحرية" وبكشف المعلومات الشخصية لجهات غير مخول لها ذلك، مما يطرح إشكالا قانونيا بالدرجة الأولى.
ومن بين التوصيات التي أوصى بها المجلس الوطني لحقوق الانسان الحكومة، استبدال جواز التلقيح بالجواز الصحي الذي يمكن أن يشهد بالتحصين عبر شهادة طبية تثبت عدم إمكانية أخذ التلقيح، مسلمة من طرف الطبيب المعالج للأسباب المحددة طبيا وعلميا، وهو الأمر الذي أطلقت فيه وزارة الصحة والحماية الاجتماعية حسب بلاغ لها، خدمة إصدار وثيقة الاعفاء من التلقيح ضد كوفيد 19 بناء على قرار اللجنة الطبية و الاقليمية.
فهل هذا البلاغ سيخفف من حدة الخوف والغموض لدى المغاربة، على الأقل الأشخاص المعنيون به؟
أم أن الجدل القائم حاليا حول التلقيح في حد ذاته متعلق بالبروتوكول الصحي عالميا، مما يجعل من الملقحين وغير الملقحين معرضون للخطر أو للموت ربما؟
وبين كل ذاك وذاك، فإن الحكومة مطالبة بتنزيل خطة الديمقراطية وحقوق الانسان بالمغرب كضرورة ملحة ومستعجلة لأجل مواكبة التغيرات والتطورات الصحية والسوسيو اقتصادية والسياسية بالمغرب. ترسيخا لمبدأ تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة الاجتماعية التي جعلتها من بين أولوياتها، أيضا تفاديا لاحتقان شعبي قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار والأمان الداخليين للبلاد في ظل الخلافات الدبلوماسية مع الجارتين، والسعي إلى ضمان توازن اقتصادي تنموي للمواطنات والمواطنين المغاربة.
الأزمة بالمغرب ليست أزمة تلقيح أو جواز تلقيح، بقدر ما هي أزمة تدبير وحكامة شاملة بالسياسات العمومية بطلها مواطن أدلى بصوته، و مسؤول همه الأول الوصول للمنصب ضاربا بعرض الحائط المصلحة العامة في افتقار تام للتخصص والكفاءة الحكاماتية.