لا نتكلم عن مجزرة الساجدين أمام الحرس الجمهوري ، ولا المجازر التي يتعرض لها إخوتنا في غزة والتي تحز في نفوسنا، وإنما مجزرة من نوع آخر هي ما حدث بنيابة الرشيدية في شهر يوليوز 2013 .
في مثل هذا الشهر ، شهر يوليوز، ظهرت نتائج مكر الماكرين الذين نسوا مكر الله
حيث خططوا من أواخر ماي وشهر يونيو ، فاستدرجوا ثم أوقعوا بثلة من الأساتذة بنيابة الرشيدية من الذين يطالبون بتحسين وضعية العمل خاصة بثانوية القدس بالرشيدية .
تحين الماكرون الساديون "خطأ " توقيع على غرة لعدد من الأساتذة رفض تسلمهم المشاركة في حراسة امتحانات البكلوريا وهو الصك الذي أدانهم . اعتبره صغير الماكرين إنجازا عظيما دخل به التاريخ من باب ذلك الأعرابي الذي بال في المسجد ، فلما سألوه عن سبب ذلك قال لأدخل التاريخ .إنجاز هو نتيجة لوسوسة بعض مساعديه والذين يتقنون استدراج بعض القاصرات بدعوى إرشادهن .
استغلت العلاقات الشخصية بل والعائلية ، واستعملت أحدث وسائل الاتصال ليستصدر القرار التاريخي والجائر والسريع من وزير للتعليم..:" توقيف مؤقت وتوقيف تام للأجرة مع عرض للمجلس التأديبي بتهمتي رفض تسلم استدعاء المشاركة في لجان الحراسة .. وإخلال بالواجب المهني" وذلك منذ 12 يوليوز 2013 . وهو مجزرة في حق 19 أستاذا وعائلاتهم . ارتقت هذه التهم في المجلس التأديبي الذي عقد شهرين بعد ذلك ( 18 و 19 شتنبر 2013) إلى تهديد للأمن القومي ! و هو إنجاز تاريخي لأكاديمية مكناس تافيلالت والتي خصصت تقريبا هذه السنة مجالسها التأديبية "لعلاج" الحالات المعروضة من نيابة الرشيدية .ثم ارتقت في المحكمة الإدارية ليصبح "إخلالا بواجب تفرضه المصلحة العامة والواجب الوطني " .
قضى ذلك المجلس بعد اضطرابات فيه بعقوبة "تلائم حجم الجرم " وهو توقيف شهرين متتابعين مع وقف تام للأجرة باستثناء التعويضات العائلية (زورا) ابتداء من تاريخ التبليغ ، والذي تم يوم 1 نونبر 2013 ( استغرق هذا القرار20 يوما عبر المسلك الإداري من الرباط إلى الرشيدية بينما قرار التوقيف استغرق سبعة أيام فقط ) . مسترشدين بذلك القرار بكفارة من قتل نفسا خطئا . وإلا فالعياهب كانوا ينشرون بين أزلامهم وبنشوة بأن منهم من سيفصل عن الوظيفة العمومية نهائيا فاكتشفوا مع مرور الوقت أنهم هم من عزلوا من المجتمع ، والقادم أدهى وأمر وفضحهم الله أمام الأشهاد أنهم مخبرون ومزورون للحقائق .. فاستكملت مدة التوقيف ستة أشهر كاملة بدون أجر . فمن المستفيد من الأموال التي خصمت لهؤلاء التسعة عشر؟.
استأنف الأساتذة 19 الموقفون مؤقتا عملهم في يوم 2 يناير 2014 ولم يتوصلوا بمستحقاتهم إلا نهاية شهر أبريل 2014 . (4 أشهر ) ولا يزال مفعول العقوبة يظهر من حين إلى حين ، فلا يحق لهم المشاركة في الترشح لشغل منصب الحارس العام إلا بعد خمس سنوات، ومنهم من منع المشاركة في امتحان الكفاءة المهنية ولا تزال الوضعية "موقوفة" في الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (التعاضدية)..
خلاصة القول أرادوا أن يخصموا ستة أشهر من حياة كل فرد من أفراد الأساتذة الموقفين واستثمرها هؤلاء في التكوين والتحصيل والتدريب .
سنة دراسية كاملة مرت ، قضى الله فيه بأمره ، انتقل إلى عفو الله من تصرم عمره ، وانكشفت فيه معادن الناس ، عرفت فيها نيابة الرشيدية سنة دراسية استثنائية من تنسيق بين النقابات ، وجابت المدينة مظاهرات صاخبة متجهة إلى مقر النيابة ، فعسكرت النيابة وأغلقت حتى أمام الموظفين العاملين بها !
مرت سنة لفظ فيها ماكر من مكتب إلى مكتب ، وكشف الله ستره على آخرين فانفضحوا أمام الأشهاد . ثم تلملمت جراح شهداء المجزرة ، فاستمرت الحياة وتستمر بالعطاء والبناء . كتبوا تظلما للوزير توقف واختفى من المدارج الأولى للسلم الإداري ، وهذا وجه آخر في الشطط في استعمال السلطة .
مرت سنة اكتسبت نيابة الرشيدية شهرة من ذلك الباب الآنف الذكر و سجلت فيها قطيعة بين المصالح النيابية والنقابات و انكشف المستور عن صفات بعض الذكور المسؤولين من كذب ونفاق واختلاس .. وظهر فيها أن المحكمة الإدارية ابتدائيا انحازت إلى الإدارة باستنساخها لتقرير النيابة دون استقراء للوثائق المقدمة من قبل دفاع الموقفين في انتظار جلسات الاستئناف .
نعم ، انتصرت الإدارة على الإرادة . لن يجرؤ أحد في المستقبل القريب على رفض المشاركة في حراسة البكلوريا ولكن بأي إرادة سيشارك ؟ هم جديد لأساتذة التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي .
مرت سنة اكتسبت فيها تجارب جديدة ، وسجلت فيها مواقف رائعة وملحمة فريدة ..