الحياة أحداث و تجارب ناجحة وفاشلة، والأخيرة قد تكون بداية لنجاح أكثر بالإصرار مع عدم تكرار نفس الخطأ . لكن بعض الأحداث ـ بتخطيط أو دونه ـ تجعل الشخص في وضعية لا يتوقعها وقد لا تعجبه وهو ما يصطلح عليه بالمصيبة ، وهي ما يصيب الفرد في ماله أو عقله أو جسمه أو أهله .. فرغم أن المصيبة قدر، فتعامل الناس اتجاهها يختلف .
المُصاب ـ الذي وقعت له مصيبة ـ نوعان :
ـ منكوب في صحته أو ماله أو ولده أو أحدا من أقاربه أ و صديقه أو وظيفته ، فاسترجع . فرضي بالقدر، علم الماكر أم لم يعلم ، فلم ييأس بل عمل ويعمل على تجاوز البلاء و يركز على النقاط الإيجابية في المصيبة فيحولها إلى منحة . ذلك ناجح في حياته .. وقليل ما هم .
ـ مبتلى ..غير راض بما وقع له ،سواء كان هذا الأمر مدبرا ، أو انتقاما أو مكرا أو من سنن الحياة . فتألم ثم تأثر فانغمس في المصيبة ، فتحولت المصيبة إلى مصائب ، نفسية وجسمية .. لمثل هؤلاء نقول توقفوا وغيروا نظرتكم للدنيا . فلكل حادث مكاره ومزايا . ابحثوا عما يمكن ربحه في الحدث ، دون تهويل لأي مصيبة أو تهوين . فلكل مشكل حل وكل ما مضى لن يعود . والتفكير فيه بشكل سلبي من أسباب الأرق والاكتئاب . لا يمكن إرجاع الماضي لتغييره ، بل يمكن صناعة مستقبل زاهر بالتخطيط له والاستفادة من الماضي وتجاربه .
معارف المصاب أنواع كثيرة نذكر منها البعض:
ـ صنف من الناس مصيبتك هي مصيبتهم . معزون و مهدءون بل مذللون للعقبات ، يسارعون لتقديم الحلول والدعم ويصرون على ذلك أولئك هم إخوان الآخرة من الأهل والأحباب، الذين أُمرنا بالإكثار منهم . والكبريت الأحمر الذي قل ما تجده . استوحش من لم يبحث عنهم وأوحش منه من ظفر بهم ثم ضيعهم .
ـ صنف من الناس يتألمون مع المصاب ويهدؤون . ينتظرون منه طلبا ، لكن لا يبادرون للمساعدة أو تقديم الحل ، هؤلاء كثر . نرجوا منهم أن يخطوا خطوة للأمام ليفرجوا همَ المكروب ما أمكن لهم ، فالناس طبائع منهم من لا يستطيع الطلب و إن كان محتاجا .
ومنهم من يقدم خدمة ثم يمن بها و يكون المكروب مادة خامة في لسانه أمام أقرانه وقريناته ، ذلك قدح لعملهم ، ف "قولمعروفخيرمنصدقةيتبعهاأذى". وقد يكون حديثه لتشجيع الغير ، فأمر لا بأس به
ـ صنف يسكتون كأنهم لم يعرفوا شيئا أو فعلا ما عرفوا ...
ـ صنف يظهرون تأثرهم أمام المكروب و يكثرون الكلام والنصائح وقد يكونون من المقربين قبل نزول المصيبة ، وفي غيابه يشمتون ، " وقل للشامتين صبرا فإن نوائب الدنيا تدور" . هؤلاء لا تكترث بهم فمعدنهم خسيس . ولهم نقول إن الشدائد محك الرجال . فإن كانت المصيبة جسمية فهي طهور من الذنوب لمن صبر وشكر ، وإن كانت نتيجة مكر الماكرين أو من دسائس المهووسين ف "صبرجميلواللهالمستعانعلىماتصفون".
ـ و أشد منه ، صنف مكَار ، ذئاب تحت الثياب، يتلذذون بإذاية معارفهم والناس .. يظهرون حبهم لفعل الخير والعمل الإنساني ، وعندما يخلو بعضهم ببعض أو شياطينهم يتأملون ويخططون :كيف نؤذي هذا ؟، وكيف نوقع بتلك ؟. منهم الأميون ومنهم ذووا منصب ، كبروا في الشر ، قلوبهم تتقطر سموما وألسنتهم تنطق عهرا. شرذمة هم مصدر المصائب ، لا يعتبرون بما أصابهم .. فلهم نهمس " ويمكرونويمكرالله،واللهخيرالماكرين " ثم " حسبنااللهونعم الوكيل".فرفقتهم غمر ، ومخالطتهم ضر ، ودواؤهم هجْر.