ذ محسن الأكرمين

حين كان الشد الأولي في بناء فلسفة تهم مسارحياة ، كنت حينها أخندق النفس ضمن متوالية دوافع خانة الرفض وتبني مقولة (لا) بنقط حذف، كنت حينها أرتشف سذاجة من الرأي الأحادي الذي يلغي الآخر بكل تجليات وقوته الموضعية، كنت أشحن ذاكرتي بدءا من معلقات امرؤ القيس إلى الروائي حنا مينة ... وربيع مبارك... ومحمد إبراهيم بوعلو ...، هي نهم القراءة التي كانت تزكي عشر بنية بناء آليات التفكير وتصورات الإصلاح الآتي بمعتقد المنجل والمطرق من الشعب ، هي القراءات الأدبية والفلسفية التي كانت تبحر بنا في يم المعرفة و نشأة رؤية بداية صدام الحضارات، ولما لا نقول تصادم الطبقات.
 
حين اشتد العظم كبرا، حين اشتعل الرأس شيبا ظهرت بداية حمية اللعب مع الكبار، تبين بالملموس سوء تقديرات التاريخ غير الحادث ولا المكتوب عن رواد حركات الشعب التصحيحية، أتت بعدها الهيكلة برفق و سلاسة لكل نزق الفكر المشاغب والمواقف المتسرعة، بدت تلك القناعات الماضية كالفقاعات المميتة لأمل رؤية شعب تفاعلي في الإصلاح، بدت تلك التصورات النظرية الماضية مع المثقف الجذري كالسراب الممتد طولا وعرضا ولا يلوي الشعب القبض عليه، ولا قطف نتائج التضحيات الكثيرة.
 
حينها أيقنت أنني كنت مشدودا إلى فلسفة الذرائع (براغماتية/ Pragmatism )، فلسفة السياسية التي كانت تمني فينا أمل النجاح في العمل المشاكس باعتباره هو المعيار الوحيد لامتلاك الحقيقة. لكننا و لسوء التقدير لم نصل حتى إلى الحد الأدنى من عتبة ذلك النجاح !!!. صدمت كليا من فشل نظرية استشراف النجاح سواء السياسي منه أو الاجتماعي أو الاقتصادي بعموم الوطن... وداخل الأوساط الشعبية، صدمت بالانكسار حين فشل التناوب كنظرية آتية للإنقاذ من السكتة القلبية، صدمت حين أصاب التلف المواقف والتصورات الإصلاحية ، وانخرط الجميع في جدال عقيم وحوار سفسطائي / شعبوي ...
 
حين تخلت النخبة المثقفة ( الانتلجنسيا / (intellegentia عن لعب أدوار قيادة الثقافة النظيفة والتنمية المندمجة ، واحتضان مطالب المجتمع و صياغتها كرؤية شعب للمعالجة السياسية الحصينة، حين أسقط الجميع من بين أولوياتهم الأساس الدفاع عن روح الاختلاف في الفكر والآراء والفهم والتطبيق ...، حين ظهرت ثقافة الإقصاء السياسي، وتحولت المنافسة السياسية الشريفة إلى ساحة خصومات ومعارك غير شريفة، سقطت الرموز السياسية والحزبية، و ضاعت رؤية الإصلاح والبدائل الموضعية، و تقوى مفهوم تمركز الدولة"... بوصفها مؤسسة قهرية تضع نفسها فوق المجتمع وتحكمه... باسم المصلحة العامة" .
 
هو انزياح شق كبير من الحداثة والعقلانية في الدفاع عن فلسفة التنوير، هي الانتكاسة المفترضة والتي لم تستطع تجديد رسائل القيم والمحافظة عن الأصيل بمستند مغرب التنوع ، هو الوضع الثقافي الرخو المرتد عن قضايا الشعب، هو المثقف العضوي - (بمعنى المثقف التقليدي سواء تزًن بالزيً التقليدي الوطني أو بالزي العصري الأوروبي)- و الذي أخلي ملاعب بناء النظرات الاجتماعية والإيديولوجيات السياسية، وتنازل بشبه الكلية عن حمل هموم الشعب علوا، هي محصلة الانتهازية و الوصولية التي طوحت بأسماء معلومة لدينا بالتواتر من النخب المثقفة.
 
لا يستسيغ الحديث عن مشكلة التحولات العمرية للثقافة و المقاصد، دون ربطها بالقضية الأساس وهي مربط لجام الفرس، وتتمثل في أزمة مفهوم النهضة و اليقظة. وهو المنحى الذي كنت منذ البدء أريد الوصول بكم عند أشواك حدوده القاتلة، وهي كذلك الدعوة إلى تبني سياسة الإثراء الضروري لخلق مستوى بيئة فلسفة الذرائع بالتنوع ومناقشة القضايا الاجتماعية المستعصية وفق رؤية صدمة النجاح، هو الإصلاح الكلي الذي لا نريد البقاء طويلا في امتحان مجزوءة مواصلة الإصلاحات في ظل وضعية السلم الاجتماعي...