بعيدا عن الشخص وتأكيدا لموقفٍ من قضية ما بات يعرف بقضية الأستاذة مينة بوشكيوة والتي هي في عمقها ليست إلا زوبعة في فنجان التعليم المغربي الذي يرقد في العناية المركزة في انتظار معجزة حقيقية تبعث فيه الحياة .
يوم 12 دجنبر حضرت لجنة تربوية إلى المؤسسة التي أُلحقت بها الأستاذة بداية هذا العام، التحقيق معها تم بناء على ما تنشره على حسابها الفيسبوكيوعليه تم توقيفها عن العمل بالمؤسسة ...السيدة لم تتقبل قرار التوقيف وهذا أمر طبيعي ، وعلى إثره جلست إلى حاسوبها لتكتب على صفحتها أن هذا القرار المجحف كان بسبب تدويناتها الجريئة وآرائها السياسية التي تمس الدولة واستنكارها لما تعيشه منظومة التعليم بالمغرب ... شخصيا لم أستسغ هذا التبرير وعرجت على صفحتها لأتأكد من صحته . المفاجئة أن صفحة السيدة عادية جدا وليس في كتاباتها من الجرأة ما يمكنه أن يجلب لها غضب أبسط مؤسسة في الدولة ، وإذا كانت كتاباتها هذه وحسب ادعائها هو سبب قرار توقيفها فما مآل العديد من نشطاء الفيسبوك من رجال ونساء التعليم ومن كل الأسلاك الذين ينتقدون بلهجة قوية جدا سياسات الدولة في كل المجالات وفيهم من لا يهادنويشير إلى رأس الفساد والاستبداد مباشرة ويسمي الأمور بمسمياتها الحقيقية ولم يتم توقيف أحد منهم ولا حتى استدعاؤه للتحقيق. هنا يجب أن نشك ونتساءل عن السبب الحقيقي الذي جعل الأستاذة تفتعل هذه الضجة وتسعى هي ومن يناصرها إلى حشد التعاطف والتأييد الفيسبوكي على الأقل ؟؟
بدأت الحقيقة تظهر بعد شهادات تلامذتها وزملائها في المؤسسة وبعد "حج" الجميع إلى صفحتها وتقليب ألبوم صورها ، بعد كل هذا تبين للجميع أن الأستاذة كانت تكذب ، نعم كذبت يوم أعلنت أن توقيفها تم بسبب تدويناتها السياسية الجريئة ، السيدة خانتها شجاعتها التي طالما تباهت بها ، فإن كانت مقتنعة فعلا أن عرض مناطق من جسدها في المؤسسة التي تشتغل بها وصورة مخجلة في المرحاض وأخرى وهي ممسكة بكأس نبيذ مرفوقة بعبارات مخجلة على حسابها الفيسبوكي ووسط تلاميذها القُصَّر هو من باب حريتها الشخصية التي يجب أن تُحترم ولا تُمس فلم لم تخبر الجميع بأن توقيفها تم لهذا السبب ؟؟ لِماذا لَمْ تكن منسجمة مع مواقفها وتدافع عن هذا الحق"الحيوي" أمام اللجنة وعلى صفحتها الافتراضية ؟؟هنا يتضح جليا أن السيدة مهووسة بجسدها حد إقحامه في كل نقاشاتها باسم كسر الطابوهات ، وبأن شخصيتها مهزوزة وفاقدة للثقة بنفسها بحيث أخذت بعين الاعتبار كلام الناس ونظراتهم إليها على حساب الحقيقة وحقها في التعري أمام تلامذتها والذي كفلته لنفسها، هنا قررت أن تسخر من ذكاءنا وأن تجعل من نفسها بطلة من ورق.
هذا في ما يتعلق بحيثيات الموضوع وازدواجية مواقف الأستاذة وجبنها أمام الرأي العام ، أما جوهر القضية فلا أعتقد أن أستاذا/ة في كامل اتزانه يغيب عنه أن مسألة التربية أهم من التعليم والتكوين وبناء عليه فإن مستقبل أجيال يتوقف بشكل كبير على رجال ونساء هذا القطاع الحيوي ، والدولة لم تسمي عبثا الوزارة المعنية وزارة التربية والتعليم _التربية أولا_ ولم تخصص عبثا ميزانية لمراكز التربية والتكوين ولا تدفع رواتب الأساتذة من جيوب دافعي الضرائب ليقوموا بحشو أدمغة أبنائنا بالمعلومات ويعلموهم تقنيات "الستريبتيز" ،وكيف يقصون الشريط الفاصل بين الأدب وقلة الأدب ، بين الجرأة والوقاحة ، أعتقد أن هذه المهمة القذرة تكفلت بها قناة دوزيم المغربية وأغلبية قنوات العهر العربية ، ألا تكفي الجرائم التي ترتكبها هذه القناة "الصهيونية" في حق ناشئتنا ؟؟ ألا يكفينا أنها توظف المال العام لتجعل من المراهقات مشروع "شيخات" المستقبل أو حالمات بالزواج كأفق لهن ؟؟ ومن الذكور مخنثين يحلمون بقصة شعر على الموضة وقبعة ماركة وردية اللون وبامتلاك قيثارة والمشاركة في برامج مسابقات الغناء والرقص للوصول إلى المجد والشهرة والمال... هذا هو المستقبل الباهر الذي يحلم به الكثير من شبابنا والذي تروج له بقوة قنواتنا العمومية . فإن كانت الأستاذة ومن يناصرها من داخل قطاع التعليم أو خارجه يعتقدون فعلا أن ما تُجاهر به السيدة من عري وأشياء أخرى هو فكر تحرري حقيقي لن يؤثر سلبا على الطلبة ولن يُجهز على ما تبقى لنا من أمل نحن الآباء والأمهات فإنه قد آن الأوان ،للتأكيد، أن ثمة خلل فادح عاجزون حتى عن رصده وثمة خطر حقيقي يهدد وجودنا كشعب ودولة وإن لم يتم تداركه فلنصل صلاة الجنازة على قطاع التربية والتعليم بالمغرب ولنطلق جرس إنذار لأننا نقترب فعلا من هاويتنا .
للأمانة ، تبقى الإشارة ضرورية هنا إلى أن قضية الأستاذة ليست سوى النقطة التي أفاضت الكأس وكشفت عن توجه فكري خطير بات يهدد أبنائنا في مدارسهم ، توجه صار له مناصرون من داخل بيت التعليم ومن خارجه ، مناصرون ل "فكر تحرري" لكن يجب أن يبقى بعيدا جدا عن أبنائهم الذين هم خط أحمر ...من يقف وراء نشر هذا "الفكر" ؟ ولمصلحة من ؟ وهل يجوز استحضار نظرية المؤامرة أم لا ؟ ....أسئلة عديدة تفرض نفسها ستكشف الأيام القادمة وبما لا يدع مجالا للشك عن إجابة شافية لها .