يبدو النقاش حاليا في الصالونات السياسية حول الجمع بين السلطة و الثروة لدى بعض الوزراء وطبعا فالغرض الحقيقي من اتارة هذا النقاش ليس هو الحرص على احترام مبدأ الفصل بين السلط بل استعمال هذا النقاش كورقة للابتزاز و الضغط السياسي.
قبل اشهر قليلة كان بنكيران يتغزل في اخنوش واصفا اياه بولد الناس و المعقول و ان علاقته به مزيانة, واليوم بقدرة قادر اصبح يتهمه بالوقوف خلف البلوكاج, محاضرا حول اقتسام الثروة للحفاظ على الاستقرار.
و في اكثر من مكان نسمع ان اخنوش متهم بالاستفادة من اموال المقاصة على المحروقات, وهذا الاتهام يطرح بعض الاسئلة التي على رئيس الحكومة وبرلمانييه التحلي ببعض الجراة والنزاهة السياسية للإجابة عنها.
-اولا اين كان رئيس الحكومة طيلة خمس سنوات عندما كان على علم بان احد وزرائه كان يستفيد من الدعم بشكل غير مشروع ?
-ثانيا اين كان البرلمان الذي لديه لجنة تقصي الحقائق الدي انشغل بازبال الطاليان ومكتب الوطني للسياحة و ترك صندوق المقاصة دون لجنة تقصي الحقائق ?
-ثالثا اين كان بنكيران عندما جاء بالقانون التنظيمي لاشغال الحكومة وتكليف بالدفاع عنه الراحل عبد الله بها امام البرلمان, ولماذا عندما قالوا لباها يجب تعديل المادة التي تتعلق بتضارب المصالح بين الثروة و الاستوزار رفض باها ذلك بذريعة ان اوضاع الاستثمار وصورة البلد لاتستحمل هدا الفصل, فلقبوه بالحكيم بعد ذلك ?
-لماذا صوتت لجنة العدل والتشريع التي كانت تهيمن عليها البيجيدي برئاسة امينة تخراج العينين بالاجماع بقبول هدا القانون الذي يسمح للوزراء بالجمع بين الثروة و السلطة شرط الا يكونوا مشرفين على التسيير في شركاتهم ?
لو ان نواب العدالة والتنمية رفضوا هذا القانون و اصروا على الفصل التام بين الثروة و السلطة
لما بقي لهذا النقاش الان من معنى, اما وقد باركوا زواج الثروة بالوزارة و اكلو الحلوى هده المادة وحصلوا على تعويضات من البرلمان على حضورهم لهاذا العرس, فان اثارتهم لهاذا النقاش الان هو من قبيل “كول مع الذيب وبكي مع السارح”.
والواقع انك لن تجد في كل المغرب احسن من يعطي الدروس حول الفصل بين الثروة و السلطة من قيادي العدالة والتنمية وانكشاريتهم, فنظرياتهم وتخريجاتهم في هذا الباب لايشق لها غبار, سوى ان مسؤوليهم اصبحوا بدورهم يجمعون بين الثروة و السلطة خلال الخمس سنوات الاخيرة.
وخلال السنوات القليلة التي قضاها قادة واعضاء حزب العدالة والتنمية في مواقع المسؤولية لتدبير الشان العام سواء داخل الحكومة او البرلمان او على راس الجماعات المحلية, تخصصوا في البحث عن فرص للاستثمار اموالهم في مشاريع خاصة تحت غطاء الصالح العام.
ففي الوقت الذي توجه الكتير من قادة الحزب الحاكم الى الاستثمار في الشركات والمدارس التعليمية الخاصة, يتجه اعضاء حزب بجهة درعة تافيلالت مثلا الى الاستثمار في القطاع الفلاحي, وبعدما افتضح امر المشروع الاستثماري الذي كان يخطط له الشوباني واعضاء بقيادة حزبه بجهة درعة تافيلالت, وتقديمهم لطلب كراء 200 هكتار من الاراضي السلالية لاقامة مشروع لانتاج علف المواشي, قرر اخوان الشوباني الاستثمار في مشروع اخر, يتعلق باقامة معمل لانتاج الحليب ومشتقاته, وكذالك وحدة صناعية متخصصة في تجفيف وتلفيف التمور التي تشتهر بها منطقة تافيلالت.
و هكذا سارع البرلماني السابق، عبد الله الصغيري، النائب الخامس لرئيس جهة درعة تافيلالت التي يراسها الحبيب الشوباني، الى تاسيس تعاونية فلاحية رفقة صهره عبد السلام البرجي، رئيس مجلس بلدية ارفود عن حزب العدالة و التنمية، و هو المجلس الذي كان يتراسه الصغيري قبل توظيفه في منصب استاذ جامعي بالكلية متعددة التخصصات قبل انطلاق حملة الانتخابات التشريعية الاخيرة، و هو ما يتناقض مع قانون الوظيفة العمومية الذي يمنع الموظفين من المساهمة في شركات او تعاونيات تهدف الى الربح المادي، و ينتاقض مع المادة 10 من القانون التاسيسي للتعاونية الذي ينص على احد شروط الانخراط التعاونية، و هو ان يكون المنخرط يزاول مهنة الفلاحة بمنطقة تافيلالت ” دبا هاد السي الصغيري ما عرفناه واش استاذ ولا فلاح ”.
و لهذا الغرض، قام الصغيري و صهره الى جانب اطر قيادية بحزب العدالة و التنمية، بتجديد مكتب التعاونية الفلاحية ”جنان ارفود ” التي تاسست سنة 2009 بمنطقة ” قصر اولاد بحر ” بجماعة ” عرب صباح زيز” بدائرة ارفود، و بتوجيهات من الشوباني تم عقد جمع عام يوم 11 نونبر الماضي، خصص لتوزيع المهام بين اطر حزب العدالة و التنمية داخل مكتب التعاونية للشروع في الاجراء ات المتعلقة بالاستثمارات الفلاحية المبرمجة بين الشركاء.
و شغل عبد السلام البرجي مهمة امين المال بمكتب التعاونية، فيما انيطت بالصغيري مهمة مستشار، و يبلغ راس مال التعاونية حسب نظامها الاساسي778 الف درهم، موزعة على 778 حصة بقيمة الف درهم عن كل حصة، مع امكانية رفع راسمال الشركة الى 200 مليون سنتيم. و لرفع عدد الحصص في راسمال التعاونية، تم يوم 10 فبراير الجاري، تخفيض قيمة الحصص الى مبلغ 200 درهم لكل حصة، و اصبح البرجي يتوفر على 400 حصة، فيما يتوفر صهره الصغيري على 600 حصة، اما الشوباني، رغم انه لا يظهر في الصورة تفاديا للفضائح التي تلاحقه، فقد دفع بكاتبه الخاص محمد الهيداوي الى الانخراط في المشروع، بحصوله على 600 حصة في التعاونية و هي نفس حصص الصغيري بمبلغ 12 مليون سنتيم.
وأول ما قام به الصغيري و شركائه، هو اقتناء معدات و الات لتجهيز معمل انتاج الحليب و مشتقاته من مدينتة الدار البيضاء، ونقله الى مقر المعمل بالتعاونية، و الذي سيقام على مساحة ألف متر٬ مربع بمنطقة “تزمي” بالقرب من مدينة ارفود، و تكلف البرجي بتوقيع عقود مع 40 فلاحا لتزويد التعاونية بمادة الحليب للشروع في الانتاج، اما بخصوص معمل تجفيف التمور و تلفيفها، فما زال في مراحله الاولى، حيث شرع اعضاء مكتب التعاونية في البحث عن اقتناء الالات و المعادات الضرورية.
اما فتيحة الشوباني، اخت الحبيب الشوباني، التي حصلت على مقعد برلماني عن طريق اللائحة الوطنية في الانتخابات التشريعية الاخيرة، و تقود شبكة من الجمعيات بالجهة تدر عليها مئات الملايين من داخل المغرب و خارجه كمنح و اعانات، فقد شرعت يوم 17 يناير الماضي في القيام بالاجراء ات الادارية لتاسيس شركة باسم ابنها ” اسامة فتحي” تحمل اسم ” NASET SARL” بغرض الحصول على الصفقات و سندات الطلب ”BONS DE COMMANDE ” التي تعلنها المجالس الجماعية و البلدية التي يتراسها اعضاء من حزب العدالة و التنمية وخاصة مجلس الجهة الذي يتراسه شقيقها الحبيب الشوباني لذيذ، على راي امينة تخراج العينين.
لكن بعد تدخل الشوباني، نصح شقيقته بعدم تسجيل الشركة باسم ابنها الذي تابع دراسته الجامعية بتركيا، حتى لا يظهر في الصورة و يفتضح امر الصفقات التي ستحصل عليها، و اخبرها ان اعين الاعلام مسلطة عليه، و اقترح عليه تسجيل الشركة باسم ” امين الناصري”، و هو مهندس متخصص في شبكة الاتصالات و المعلوميات، فيما تكلف المحاسب ”حميد فاضيلي” احد اعضاء الحزب و ذراعه الدعوية حركة التوحيد و الاصلاح بجميع الاجراء ات المتعلقة بعملية تاسيس الشركة.
و ما يدل على علاقة اخت الشوباني بهذه الشركة، يتضح من خلال التصفح النظام الاساسي للشركة ،انها مقرها الاجتماعي كائن بنفس عنوان المنزل الذي تسكن فيه فتيحة الشوباني و ابنها امين، و بعد تاسيس الشركة طلبت امه من زميلها في الحزب، البرلماني عبد الله الهناوي، رئيس بلدية الرشيدية من اجل تشجيع الشركة، و تمكينها من بعد الصفقات و سندات الطلب المتعلقة بشبكة الهاتف.
و هذا ليس سوى جزء بسيط من جبل الثلج العائم، فاستثمارات قيادة العدالة و التنمية و ممثلي الحزب في الجهات و البرلمان و المدن، لا حصر لها، و ستكون لنا مناسبات سوف نستعرض فيها استغلال هؤلاء لمناصبهم السياسية لمراكمة الثروة لهم و لابنائهم و لعائلتهم، حتى يقتنع الناس بالدليل ان شعار ”جينا نخدموا ” الذي يرفعه هؤلاء الباجدة يعني في الواقع ”جينا نخدموا على روسنا و على ولادنا”