زايد جرو - جديد انفو

وقع مديرو الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديرون الإقليميون للوزارة، يوم الجمعة 26 فبراير 2016 على ميثاق المسؤولية، الذي هو بمثابة تعاقد أخلاقي وإداري بين الوزارة والمسؤولين الجهويين والإقليميين، يحدد مجموعة من المبادئ والقواعد الأخلاقية المهنية التي يتعين عليهم التقيد بها عند مزاولتهم لمهامهم تكريسا للحكامة والتخليق والترشيد وربط المسؤولية  بالمحاسبة وعلى أساسه سيتم تقييم أدائهم المهني.

المديرون الإقليميون وقعوا على الميثاق وهم يضجون بالحديث بينهم وبين أنفسهم ساعة التوقيع تحت دلالة عبارة مفادها" أنا الموقع أسفله أصرح بأنني اطلعت على المبادئ والقواعد المذكورة أعلاه وبأنني على علم بأن مدى الالتزام بها سيؤخذ كمعيار من المعايير الأساسية لتقييم أدائي المهني".

والسؤال المطروح : هل الوزارة قادرة على المحاسبة بعد التقييم، والمعاقبة حين الاخلال بهذه البنود؟ وهل المديرون  الإقليميون قادرون على الالتزام والتنفيذ ؟أم  أن الميثاق هو ورق مكتوب بحبر وزاري يستوجب التوقيع والبصم حفاظا على الكراسي والمناصب؟

القارئ المتتبع لبنود الميثاق قد يندهش ويستغرب من التزام المديرين وتوقيعهم على بعض النقط منها مثلا : " ضمان المساواة والإنصاف بين المواطنين "، " الامتناع بشكل بات عن استعمال وسائل الدولة الموضوعة رهن الإشارة لأغراض شخصية ( سيارة المصلحة وسائل العمل ..) "، " الحرص على ضمان الاستفادة العادلة والممكنة من فرص التعلم بين مختلف الأطفال وبين مختلف المناطق الجغرافية التابعة للنفوذ الترابي للأكاديمية..." وغيرها ذلك كثير.

مَن ْ من الموقعين يستطيع الالتزام بهذه النقط المذكورة ؟، ومن  منهم يستطيع  أن يساوي بين جميع الناس؟، ومن منهم يستطيع التخلي عن سيارة الدولة؟ ، ومن منهم يستطيع  أن يساوي بين متعلم بأعالي الجبال مثلا في  أمسمرير بتنغير ووسط المدينة ومتعلم بوسط ميدلت وآخر بتونفيت أو متعلم بجماعة الطاوس ووسط الرشيدية فذاك ضرب من شديد المُحال... فباقي بنود الميثاق المتعددة أغلبها فضفاض ،ولا يمكن تقويمها على المدى القريب ، ضمن الجدولة الزمنية التي تمنح لهؤلاء المديرين لممارسة مهامهم قبل نقلهم أو إعفائهم أوالاحتفاظ بهم ،فهذه البنود كالأهداف والمرامي  البعيدة التحقق ، والواجب تحديدها بدقة وعناية لتقترب من الأهداف الإجرائية في الصياغة بناء على معايير محددة للحكم على  إمكانية  أو استحالة تحققها  بنسب واضحة وفق جدول زمني معين.

الميثاق العملي والإجرائي الذي يجب أن يحظى بالتوقيع هو تقديم مشروع الارتقاء بجودة التعلمات والتعميم والالزامية  والرقي بالمدرسة العمومية بنسبة كذا وفي منطقة كذا في السنة الأولى من العمل.. وببناء مدارس وتجهيز حجرات  بعدد كذا  وبمنطقة كذا  في السنة الثانية ... وبالرقي  بعطاء الموظفين في القطاع الذي يبلغ عددهم كذا بإعادة تكوينهم في السنة الثالثة بنسبة كذا ... وبحل مشاكل اجتماعية، لجمع شتات الموظفين والموظفات لتحسين الخدمات ولمِّ  الأسرحفاظا على الاستقرار النفسي لعائلاتهم بنسبة كذا وفتح باب الحوار مع الشركاء والانصات لمقترحاتهم ....وغيرها من النقط التي تقبل الملاحظة والدراسة والتقييم من أجل التثمين أو المحاسبة أوالمعاقبة.

وقس بنود ميثاق المديرين الإقليميين على بنود ميثاق مديري الأكاديميات ...وهذه القراءة طبعا هي بسيطة في رؤيتها وربما ساذجة في طرحها ،لأن الميثاق الأخلاقي الموقع - بالإجماع ودون ردود فعل من المديرين حول أجراته - يستوجب دراسة أعمق ورؤية أوضح  لتكريس مبادئ الحكامة التي تسعى إلى تخليق وترشيد تدبير الشأن العام وربط المسؤولية بالمحاسبة، وترسيخ ثقافة الانتماء للقطاع .