زايد جرو – الريصاني / جديد انفو
الريصاني أو سجلماسة العتيقة مدينة لها وزنها التاريخي الذي لا يجهله إلا جاهل، ولا يجحده إلا جاحد، وقد تحدث عنها المؤرخون والباحثون والرحالة بنوع من الإعلاء بأبحاث علمية وحضارية جدية وجادة، ومازالت موضوع أبحاث لطلاب العلم والبحث عن الذر النفيس حتى الآن ..
طباع أهلها أدب، وأخلاقهم في التواصل عجب، يسلمون ويرحبون ويُكرمون ولا يمقتون تعايشوا مع قبائل آيت خباش في أمان، و مع اليهود في سلام، وقل الميز والتطرف بين ذا وذاك، فرتلوا القرآن الكريم بطريقة تعشقها الأذن وتطمئن لها القلوب وكانت المصالح والسلم والسلام والتعاون بالبسيط جامع مانع بين الجميع .
ومن بين ما يثير انتباه السياح الأجانب بالبلاد منذ السبعينيات وربما قبلها هو ما يطلق عليه اسم " رْبَكْ لحمير" المكان الذي يترك فيه الفلاحون وسيلة نقلهم العتيقة "لحمار "والمتواجد وراء السوق ، حيث كان السياح يستفسرون باستمرار عن مكان تواجده ولا ندري ما السبب سابقا ولا يمكن لأي شخص فيلالي ألا يعرف أين يوجد المكان لأنه ربط فيه حماره ذات يوم ويعرف الأشخاص الذين يشرفون على "الصنك "بباب "ربك " وربما قد رحل بعضهم لدار البقاء وتوارث أبناؤهم المهنة وحفظوا قواعدها لكونها تتطلب الخبرة ومعرفة كل الحمير لإحضارها لأصحابها بعد صلاة العصر بقليل زمن العودة للقصور وقرب فراغ السوق من المتبضعين الذين يسكنون بعيدا.
ربْط الحمير في السبعينيات كان ب (4) ريالات ويا ما ربطت حمارنا بالمكان ويا ما أكلت من ركل الحمير حين كنت أبحث عن صديقي الحمار بين جمع غفير كأنه يوم البعث وهي تتبادل اللذة وويل لضعيف البنية من عنف قويها ، أما أنثى الحمار" لحمارة" فلا تربط ولا تطلق بين الحمير لأن أنوثتها ستمزق عنفا وربما ستُجمع بالدبر وستضيع مشيتها و ومساحة خطواتها في المسيرقد تضيق.
محطة الحمير كما يسميها السياح" أو سطاسيو اوف دانكي" STATION OF DONKEY" باللغة الإنجليزية كانت حقيقة في السبعينيات مكانا بعيدا عن الساكنة ولا يشكل تواجدها خطرا على أحد لكن حاليا زاحمتها الساكنة في إطار التوسع العمراني ، والأحياء السكنية محيطة بها من كل الجوانب يفتحون النوافذ صباح أيام السوق الثلاث: الأحد والثلاثاء والخميس لتخرج رائحة النوم الليلة فتدخل رائحة الحمير النهارية وصهيلها المزعج وقلة حيائها المتزايد والغبار الرقيق الذي يسبب الحساسية المفرطة، والساكنة تحتشم كل يوم وتتقزز من منظر التعايش غير السلمي بين البهائم حين تجتمع ولا يمكن القطع فتح النوافذ حين يحل الضيوف.
الحُفر بالجوانب تجمع بعرهم والذباب يتزايد بالنهار والناموس والزواحف تتكاثر بالليل وأصبح المكان حاليا مزعجا ومصدر قلق للساكنة ويجب على المسؤولين بالريصاني تغيير مكانه فلا يمكن قتل الحمير طبعا، حفاظا على التوزان الأيكولوجي لكن يجب الحفاظ بالدرجة الأولى على سلامة المواطنين ، وليضع كل مسؤول نفسه وبيته وأسرته مكان الساكنة فهل يرضى لنفسه أن يستيقظ أبناؤه ثلاثة أيام في الأسبوع على نهيق الحمير وغبار الحمير وتناسل الحمير، بل يجب التفكير بطريقة مزدوجة لا أحادية : الحفاظ على الإرث المادي للتواصل مع الماضي دون المس بحق الساكنة في الهواء النقي.