زايد جرو - الرشيدية /جديد انفو

'أحيانا ..حتى اصابعنا تستحق الاعدام لانها كتبت كلاما جميلا لاشخاص لايستحقون' هي التركيبة المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي والمترددة على جدارات الكثير من المهتمين بالشأن الثقافي او الاجتماعي او النفسي او التربوي ،والتعبير بها ومن خلالها يختلف  ويتباين من شخص لآخر فأقصى العقوبات وارذلها  حين يحكم الشخص على نفسه دون محكمة ودون قاض بعقوبة الاعدام  على جزء من ذاته لعجز  الكلام او الاشارة عن الايفاء  بالغرض .

التركيبة قد لا يقدر قيمتها الكثير لكنها تترك الندوب في الوجدان فيحس المرء الكاتب او الاصابع المدونة انها تستحق الاعدام لانها غلّطت القراء والراي العام  والمتتبعين في حقيقة  اشخاص معينين لا يستحقون حتى جرة قلم او خطوة قدم  فتصانع وتداري لتدافع  بالحجة الواهية عن الخواء لترسم للاخرين صورة وردية عن قصبة جوفاء لا تستحق .

وبالمقابل هناك اشخاص حقا يستحقون حين تزور مكاتبهم وتحادثهم وتجالسهم وتحاورهم فتحس ان الكثير قد اخطا في حقهم ودرجة الوعي عندهم عالية والاخلاق والشيم فيهم  متاصلة  وهم من درجات عالية في المجتمع وثقافتهم واخلاقهم صنعت منهم رجالا متواضعين وهم يشكلون الاستثناء  ويستحقون والثناء .

فالاصابع تستحق الاعدام حين تغيب ثقافة الاعتراف ،الظاهرة الشائعة في المجتمع وهي عملة ناذرة لم يكتب لها يوما ان تسمو بالنفس لبناء مجتمع قائم على قيم نبيلة تزكي العلاقات الانسانية وتسمو بها  لدرجات عالية ،فالسائد على العموم في العلاقة الانسانية هي ثقافة التنكر وقلما نجد من يثني على الاخر بما قدمه ذاك الآخر له  اعتقادا منه أن  الاعتراف انكسار وركوع .

الناس يخدم بعضهم البعض كما تخدم البوادي الحواضر  وتخدم الحواضر  البوادي ،والخدمات متبادلة ولو لم يكن هناك شعور بتبادل  هذه الخدمات، فالإنسان في الغالب كائن متنكر جحود  والشر متأصل فيه حسب بعض الفلاسفة اليونان ويستكبر  ضعفا وهزالا وجحودا ان يبوح ولو  بلفظة  للخدمات او للتفاعل ولا يستطيع أن  يخلص في قصده ويعجز أن يترصد اخلاصه وذاك موقف  الجبناء المتشككين من أنفسهم ومن الاخرين المحيطين بهم .

فكم من كتاب وشعراء وفلاسفة وسياسيين ورجال دين  من العيار الثقيل  في التاريخ رغبوا في تصحيح مسارهم بالاخلاص للذات وللحقيقة  فادركوا ان كتبهم كانت بالخطأ حين دونوا كلاما جميلا في حق اشخاص لايستحقون  فقدموا نقدا  لاذعا لذواتهم واصدروا مؤلفات تصحيحية في النقد الذاتي وفي خطابات سياسية وشعرية ونثرية  وللاسف تراجعهم كان ويلا ووبالا عليهم  واعداما لذواتهم فتموقف الناس منهم  وعزلوهم واثنوا عليهم بالنقد اللاذع فقط لانهم اخلصوا لذواتهم ولو في عمر متقدم وكبير في السن.