زايد جرو - جديد انفو
إن التحولات التي عرفها المجتمع المغربي بسبب التحولات الحداثية فرضت نوعا من السلوكيات في التواصل والملبس والمنظر، فانقرضت العديد من القيم الاجتماعية والتربوية التي كانت آلية من آليات الضبط الاجتماعي، حيث كانت الأسرة والجيران والأقارب يقومون بدورهم في التوجيه قبل المدرسة التي تدعم وتقوم السلوكيات التربوية ليتم تأهيل النشء للانخراط بشكل سريع في المجتمع بناء على معايير تربوية أخلاقية تقوم أساسا على الحشمة واحترام الكبير والعطف على الصغير.
هذا النوع من التربية التقليدية التي تقوم على الاحتشام أصبحت بؤرة نقد لاذع من المدارس السلوكية الحديثة لكونها متجاوزة وقمعية وتستند على سلوك " حشومة" الذي أصبح متجاوزا فبرزت مصطلحات بديلة نماها الفهم الخاطئ للكثير من القيم التي خلقت نوعا من الفوضى واالتسيب في الشارع والمدارس العمومية والخصوصية.
رجال الأمن يعانون ورجال التعليم يعانون والأسر تعاني ولا ضابط للسلوكيات الطائشة ، داخل المنازل، كل يعيش حاله وهواه، الأبناء يحفرون في هواتفهم وفي المواقع الاجتماعية يضحكون من حين لآخر، والآباء والأمهات في حالهم أو في حال عيشهم اليومي بين تعب المصاحبة والمراقبة، أو هم أيضا يحفرون وينبشون في المثالب ويتهم بعضهم البعض في أنه المسؤول عن ضياع تربية الأبناء.
الشك انتشر دخل الأسر و" تخلويض" تسرب للأبناء والبنات، فسطت سلوكيات تربوية مغشوشة، الكذب بدل الصدق والنفاق بدل المكاشفة والمصارحة، وكل العائلات منشغلة في كيفية تمدرس أفضل للأبناء، بالليل ينبهون وبالصباح يوجهون، وبعد السادسة والنصف تبدأ الدروس الخصوصية التي تزيد الأباء أتعابا في أتعاب.
تخرج التلميذات للمدرسة ويسأل الجار جاره أين البنت، ما رأيتها منذ يومين ويرد الأب المسكين " بنتي مشات تقرا الله اعطيها النجاح" لكن العديد منهن تتأخرن أو تسافرن أو هن في مكان غير الصف الدراسي وحين تقع الكوارث ينفتح السؤال وتتسع الهوة وتبدأ الاتهامات.
فمن المفروض أن يتابع الآباء بناتهم وأبنائهم من حين لآخر لأن الذئاب كثرت ووسائل التواصل سهلت كل شيء ،وعليهم أن يصاحبوا بناتهم للساعات الإضافية المؤدى عنها ليلا وعلى الجمعيات المدنية أن تنخرط في التوعية وعلى وسائل الإعلام أن تقوم بدورها التربوي لضبط سلوكيات منحرفة حفاظا على التماسك الاجتماعي وبدون مراقبة وتتبع فالأكيد أن الأمور ستزداد تعقيدا في المستقبل .