زايد جرو – تنغير / جديد انفو

امتحانات البكالوريا للدورة العادية من سنة 2015 طرحت استفهامات وتساؤلات من كل المتتبعين والمشتغلين  في الحقل التربوي ،الممتحنون طيلة سنوات تمدرسهم لم يفارقهم حلم فوز تخطي العقبة للتخطيط بمسؤولية لسيناريوهات مستقبلية ، الأولياء والآباء لم يفارقهم بدورهم هذا الحلم الذي يكبر معهم  يوما بعد يوم مع كبر أبنائهم ،ينفقون ويربون ويصاحبون وينخرطون قهرا في أداء دروس الدعم لتحقيق حلم أبنائهم ، الأطر التربوية جاهدت طيلة السنة  بالكثير استعدادا لهذا اليوم المشهود ، الوزارة والأكاديميات والنيابات رفعت التحدي على أن تمر الامتحانات بشكل أحسن تحقيقا للتفوق والتميز في حسن التنظيم ،وسائل الإعلام مكملة بدورها للمصاحبة الميدانية بالنقد من أجل إيجاد الأحسن وتحسين الخدمات ، الإنفاق كان كبيرا في  المعدات اللوجستيكية و التربوية حتى تمر  الامتحانات الإشهادية في ظروف مناسبة أو حسنة لأن الامتحان هو امتحان للجميع ونجاحه فيه مزيد من الأمن وفيه تشريف كبير للمغاربة  جميعا داخل الوطن وخارجه، بل بنجاح الاستحقاق تزيد هبة المغرب أمام الجهات الأجنبية المتربصة.

حدث الامتحانات ،وما صاحبه من ضجة  واقعية أو مفترضة وضع المتتبعين والمسؤولين  في الميزان ،الكل متأسف ومتحسر ،والكل يعيش على وقع ما لا يجب أن يقع ، وفي النقطة ذاتها يشترك جميع المغاربة في غيرتهم على سمعة الوطن والبلد ، خوفا على فقدان نعمة الأمن والاستقرار، ورغبة في تحقيق الهدوء السياسي والتربوي ، وزارة التربية الوطنية طورت من وسائل المراقبة وشددت على  أن تكون صارمة بتعميم آلات الرصد على كل مراكز الامتحان والتي يمكن أن تساهم في الحد من تسريب  مواد الامتحانات وأبعدت بكل ثقة أن يكون التخريب من المشتغلين في الميدان أو الذين لهم علاقة به ، فالتسريب المبكر لمادة الرياضيات لا دخل للمراقبين  ولا للمسؤولين على الإجراء فيه،  ولا دخل للممتحنين فيه  أيضا  داخل حجرات الامتحان ، بل الفعل الإجرامي كان من خارج المؤسسات ،ومن حق الجميع أن يدين السلوك ويطالب بالمعاقبة الزجرية لأخطبوط الفساد فلا يمكن بالقطع أن يكون الفاعل واحدا بل هي سلسلة متتابعة أطلقت على نفسها "وزارة التسريبات " لها مسؤول كبير ووزير داخلية وخارجية ومديرون اكاديميون ونواب  إقليميون ....يشتغلون  كلهم في الخفاء بتميز كبير في التشويش لهدم مصداقية التربية في هذا الوطن ،مقابل وزارة التربية الوطنية المؤطرة بشكل هيكلي وتؤدي خدماتها في إطار قانوني ،غير أن المقارنة بين عمل الوزارتين المفترضة والحقيقية تجعل المتتبع يدرك تمام الإدراك  بأن وزارة التسريبات تشتغل بتقنيات عالية  واحترافية في المكر والتدليس لأن الطابع التربوي لا يحكمها وتستند على قاعدة تدمير الترسانة القانونية التي اعتمدتها الوزارة في محاربة الغش بالتحدي.

ولوضع حد من منظور خاص لابد من إشراك شركات الاتصال بداية ،وإعادة النظر بالدراسة والتمحيص في شرط عقد استغلال الفضاء وإدخال بنود من بنود الحاجة الملحة والضرورة القصوى  واستحضار المصلحة الجماعية لقطع الاتصال على فضاءات معينة ولو لوقت محدد عند الضرورة ، الأمر الثاني زجر الغشاشين قانونا وحماية الأساتذة المكلفين بالحراسة ،وإعادة النظر في طرق وضع الامتحان، وتجنب ما أمكن الأسئلة التي قد تستدعي الغش المباشر، ولعل المتخصصين في الجانب الأمني والتربوي لهم خبرة كبيرة في التدبير والتسيير أكثر من تنظيراتنا  في التقويم نحن البسطاء من الناس .

 الحكومة الحالية تكالبت عليها المصائب  بشتى  الأشكال والأحجام ،من جحيم الموت على السكك الحديدية، و على الطرقات ، و في مياه البحر والأودية مرورا بفوضى الذوق في  الفن السينمائي  وفوضى مؤخرة جنينفر  والتعديلات الحكومية المتتابعة وصولا للتربية والتكوين ...وكل هذه الانزلاقات لها تفسير واحد مفاده أن هناك مرضا ما ينخر جسم الوطن، وأن الدواء القمين لهذا المرض،هو إعادة النظر في السياسات الحكومية المتبعة حاليا قبل أن تتفاقم الأعطاب  وأن  تعيد النظر في آليات اشتغالها المتآكلة ،فلم يبقَ الكثير من عمرها  وقد شاخت قبل رحيلها وعلى المجتمع المدني أن يعيد النظر في اختياراته في الاستحقاقات المقبلة.