زايد جرو - تنغير / جديد انفو
توالى العنف في الأوساط التربوية، ولم يعد للمربي أي احترام أو حرمة في المجتمع، ولم تعد للتربية مكانة داخل المؤسسات التعليمية المغربية، بسبب توالي المذكرات التي قزمت دور المربي ، وقهرت الإدارة التربوية في التتبع اليومي للسلوكيات الطائشة، فمِن المذكرات التي تقر على عدم إخراج المتعلم حتى ولو كان بدون أدوات مدرسية، وعلى من أخرجه أن يتحمل التبعات ويجب أن يبقى مستمعا ، ومن المذكرات من قزمت قرارات المجالس التأديبية، ومن المذكرات التي كرهت المربين في عملهم اليومي داخل أقسام مكتظة بالمراهقين الذين يحملون هواتف ذكية ذات الجودة العالية في التصوير رغم قوانين المنع المتعلمون زاغوا الطريق وراء هذه المذكرات التنظيمية التي أقرت الحق لهم، وأهملت قسما كبيرا من واجباتهم ولم تعد لا للمؤسسات ولا للمربين هيبة تذكر، فرغم تفعيل المرصد المحلي لمحاربة العنف ، ورغم ما تقوم به الجمعيات من توجيه فقد تنامى العنف بشكل مقلق: واحد يدخل معه كلبه، وواحد يحتجز أستاذته، وواحد يضرب صديقه، وواحد يُدخل معه المتفرقعات، وواحد يعنف الأستاذ بشكل مستمر وواحد يصف أستاذته بالشارفة....وكم من برامج، وكم من لقاءات،وكم من أنشطة ترفيهية، والحال هو الحال.
المربون يبذلون كل ما يملكون ويستخدمون كل ما يعرفون وكل ما استجد في التواصل، يقطعون المسافات الطوال تاركين الدفء العائلي والأسري من أجل عملهم ومن أجل مهنة يا ما حلموا بها طوال السنين، فتخرجوا من مهن التربية والتكوين وهم شباب وكلهم أمل في أداء الواجب التربوي، المتعلمون والمتعلمات هم إخوان لهم بل هم أبناء لهم يوجهونهم وينصحونهم وجزاؤهم في النصح عبارة " ديها فراسك أوستاذ " فكم من مربِّ أو مربية يسكنون المدارس وكم من مربية انقطعت بها السبل وسط الثلوج على قمم الجبال ،ولم تنقذ إلا بالمروحيات وهن في ذاك صامدات ولا تغتسلن إلا مرة في الأسبوع ،ولا تأكلن الخضر الطري إلا خلال السوق الاسبوعي ،مربون آخرون يعيشون حربا يومية مع وسائل النقل بالمدن ليلجوا أقسامهم فيعنفون من متعلميهم بموضات لباس تنفلت نحو الأسفل وبسماعات في الأذن ،وبقصات شعر فيها خرائط العالم ..اختلت القيم الاجتماعية ولم يعد للتقارير ولا لأساليب التربية قيمة أمام متعلمين يتقنون أصناف السب والشتم واللكم، فما فائدة التقرير الذي يقر فيه المجلس بتأديب المتعلم بأشغال البستنة والتنظيف ...والمؤسسات التي لا ينبت فيها غير الحجر ،ماذا سيبستن المتعلم فيها ، ومن سيرافقه في عقوبة التأديبية...هي حلول استخفافية في مجتمع كله جانح للعنف ،وحتى إذا جنح الأستاذ للجانب القانوني في المحاكم فشهادته في إثبات الضرر ضعيفة ،لأن المتعلمين لا يمكن أن يقفوا لجانبه بالقطع، بخلاف مِهَن اخرى : فشهادة الشرطي أو الدركي مقبولة ،وحتى المخزني شهادته قوية ...لكن المربي ضعيف في شكواه ،وحتى عند الدعوة أو أثناء تحرير محضر لدى الضابطة يسلخ ويجلد بالتربوي: ما كان عليك يا أستاذ أن تنزل لهذا المستوى، انت القلب الكبير والعقل الواسع، والمربي الناجح فتغرورق العين بالدمع ويكتم المربي المسكين الغيظ لينزوي في البيت عدة أيام، وقد يبكي خلسة ويجفف دموع الحسرة والأسى على حاله وحال ناس زمانه .
الوزارة مسؤولة في ظل تنامي العنف من إعادة الهيبة للمؤسسات وإعادة الاعتبار للأستاذ بالبحث عن طرق جديدة للحفاظ على النظام العام داخل المؤسسات ،فلم تعد المقاربة التربوية قادرة على إيقاف العنف، ولا قادرة على إيقاف الغش، ولا قادرة على إيقاف الهواتف ، وتحية عالية لكل المشتغلين في الحقل التربوي بين مراهقين معظمهم يبحث عن التسلية والنقط المجانية "والله اخرج سربيس الجميع على خير دون زيادة عن سن الستين".