زايد جرو- تنغير/ جديد انفو
كل سنة تزداد مشقة السير على الطرقات، وكل عام تُكتب المقالات، وتُعقد الندوات، وتُحلل حروب السائقين وتُجمع السطور في ملفات ثقيلة بالمآسي ، والموت يبتلع الراكبين والمارين حتى أصبح كل مسافر يسير ويحمل كفنه وموته معه انتظارا لنعش الأهل بمثلجات مستودع الأموات بالمستشفيات، فالحوادث أصبحت في ظل تعدد وسائل النقل والتنقل قصصا مقلقة بلا نهاية، وعادت مآسيها بالناس للعصور الهمجية، فالقوانين تتحرك، والناس تتحرك ، وكل المتغيرات تتبدل، لكن السلوك الإنساني في الاستجابة الطوعية لرغبة حب الحياة الهادئة و لضرورة احترام القانون الوطني والدولي في السياقة ضعيف.
وكل السائقين في الطرقات يعيشون يوميا حوادث نفسية أو جسدية، و يُمَارس عليهم عنف مادي أو معنوي في الطريق من أناس فاقوا وتعدوا درجة التهور في السياقة بسرعة تتحدى القانون ، وبالتجاوز غير المسموح وبدون إشارة ضوء، وبحمولة زائدة، وبهاتف نقال في الأذن ممسوك بيد، والمقود باليد الأخرى، أو بسكر مفضوح والقارورات الفارغة للأنذال تضرب الناس من الخلف، ويقفون بجانب الطريق للتبول وهم بالكاد يمسكون سراويلهم التي تصر تلك اللحظة على الانفلات للأسفل دون عد للآخر، الذي قد يكون معية أبيه أو أمه أو أبنائه، وإذا نبست بكلمة فجزاؤك الشتم والكلام البذيء، أو تراهم يقودون سيارات بعجلات ممسوحة، وبمحرك مصاب بالسعال المزمن، دخانه يزكم الأنوف ومصاب بالإسهال الحاد بزيوت سوداء تقطر من مؤخرته، وتترك الآثار والآثار في الطريق، وهو في حاجة للسرير والإنعاش، تحت العناية المركزة، وحين التوقف عطبا ،يُصفف السائق الحجارة من الخلف، وعند الإصلاح، يتركها بالمكان، ورخص سياقاتهم موقعة ومشهود لها قانونا، وهم لا يعرفون حتى دلالة علامات التشوير....
فحين تُضاف وضعية الطرق، للحالات والسلوكيات السابقة فلا نستغرب، ولا نستبعد الموت، وكم يكون الألم شديدا حين نمر ونرى شظايا اللحم والعظام والدم والصياح والولولة في حادثة ما، ونردد جهارا: اللهم استر حالنا، فيا أيها السائقون ويا أيها المتهورون، ويا أيها الذين يَتمّوا الأطفال وشردوا النساء، ويا أيها المرضى الذين سببوا الإعاقات والكآبة والقلق النفسي للآخرين ، علّموا أنفسكم حب الحياة، واعلموا أن ضحايا حروب الطرقات خلفوا وراءهم أطفالا، كانوا يحلمون بالأشواق رفقة ذويهم ،وقد ذاقوا حنظل الموت وزغب حواصنهم مازال طريا.... يا أولي الأحوال الخاطئة، تعلموا من دينكم الحنيف عواقب قتل النفس دون حق، ومنافع الحديد قبل بأسه، وتعلموا أدب السير، ولا تجعلوا الطريق مرتبطة بالمشقة والانكسار، واحزموا أنفسكم قبل حزم حزامكم، وألجموا ألسنتكم من نذل الكلام، واسمعوا، وعوا عبارة السرعة تقتل، ولا تسرع يا أبي إننا في انتظارك، وفي التأني السلامة وفي العجلة الندامة.... فبدون تغيير السلوك لا يمكن أن نرتقي أبدا.... اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا البرَّ والتَّقوى، والعَمَلِ ما تَرْضى ، فأَنتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ ، وَالخَلِيفَةُ في الأهْلِ، فقَوِّم اعوجاجنا واصلح حالنا يا رب .
واليكم اخر مشهد من حرب الطرقات :