زايد جرو/ جديد أنفو
الدروس الخصوصية المؤدى عنها في هذه الأيام أصبحت حديث الموظفين التابعين لوزارة التربية الوطنية والمدارس الخصوصية والأسر ، حيث طرح إنجازها تبعات تربوية ونفسية على المتعلمين وتبعات قانونية على الوزارة الوصية و على المؤسسة التشريعية وعلى الموظف نفسه،والموضوع طرح كسؤال محرج شفوي مرات عديدة بالبرلمان ومجلس المستشارين على وزارة التربية الوطنية التي وجدت نفسها مجبرة على التعامل مع الظاهرة بجدية وحزم لرد الاعتبار للواجبات المهنية والتربوية.
وقد اختلفت التبريرات في إنجاز الدروس الخصوصية بين الموظف الذي يرى بأن كتلة الأجور جامدة منذ مدة ولا تساير التحولات الاقتصادية والاجتماعية، ويستعصي عليه أن يحافظ ويساير العيش المتوسط دون الكريم إلا بالبحث عن دخل آخر، فالاقتطاعات البنكية كل شهر وكل سنة حتى سن التقاعد قد قزمت دخله ودراسة الأبناء ومتطلبات السفر والكراء بحوالة واحدة غير ممكن إلا بالبحث عن عمل آخر عله يسد الثقب والأعطاب، وإلا وجب على الحكومة أن تعيد حسابات الأجور وتقليص الفوارق الطبقية في المجتمع.... والمحاسبة يجب أن تسري على الجميع لا على موظفي قطاع التربية الوطنية فحسب.
أما تبرير الوزارة الوصية فقد تراوحت بين التربوي والقانوني لتنتهي بالوعد والوعيد، فهذه الدروس المؤدى عنها قد تجر الموظف للتوقيف الفوري حسب الفصل 73 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وبعرض ملفه على أنظار المجلس التأديبي، وقد لجأت الوزارة إلى إصدار مذكرة في الموضوع تحمل رقم 14/233 الصادرة بتاريخ 11 دجنبر2014 في شأن الدروس الخصوصية لتبرير قدحية الفعل، لأنه مخل بمجموعة من الضوابط القانونية والإدارية والتربوية باعتبار أطر التدريس هم موظفو الدولة وخاضعون لمقتضيات الفصل 15 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية الذي يمنع على الموظف أن يزاول بصفة مهنية أي نشاط حر تابع للقطاع الخاص يدر عليه دخلا كيفما كانت طبيعته، كما بررت الوزارة أثر الدروس الخصوصية تربويا من إرهاق للمتعلمين وتفاوت الفرص وتخليق المنظومة التربوية وتكريس النزاهة والقيم، وثقافة الواجب، وحماية المتعلم ، واستنزاف قوى أطر التدريس واستغلال رسالتهم لتحقيق الأرباح على حساب أسر المتعلمين، في الوقت الذي يجب فيه العمل التطوعي المجاني من خلال دروس الدعم والتقوية، ومواكبة المتعثرين في إطار السياسة الرسمية للوزارة في هذا المجال.
الأسر بدورها لها مبرراتها بين القبول والرفض: منهم من يرى بأن هذه الساعات تقوي المردودية فيجهدون أنفسهم لأداء ضرائب صافية وفي الحين ودون مساومة لموظف يبيع الحروف غلاء، ويستغل وضعه التربوي لغير ما وضع له في الأصل، حيث تصل الساعة الواحدة عندما تقترب الامتحانات الإشهادية في المواد العلمية، إلى 250 درهم للساعة في بعض المدن، وعلى رب الأسرة أن ينتظر دوره، بل عليه أن يتحمل تنقل الموظف جيئة وذهابا، وعندما تنتهي الساعة، لن يضيف ولا دقيقة واحدة، لأن رزقا آخر بالباب ينتظره ، وهكذا طوال اليوم، خاصة أن هذه الفترة قد يكون الموظف في راحة لغياب المتعلمين استعدادا للامتحان، مما يقوي المدخول والرزق أكثر، وحسب تصريح بعض أسر التعليم أن منهم من يشتغل لمدة( 8) ساعات يوميا و ( 4 ) ساعات ليلا ( أقول حينما تقترب ساعات الامتحانات الإشهادية ) بمعدل (3000 ) درهم في اليوم، وإذا اشتغل على هذا الشكل لمدة ( 10 ) أيام فقط، فقد يجني ما لا يجنيه الكثيرون في المهن التجارية، وهو ربح وفير بمجهود كبير على حساب قضايا أخرى، والأمر لا ينطبق طبعا إلا على فئة معينة، أما فئات أخرى ذات النفع العام فهي تتطوع بالجمعيات وبالمؤسسات و على شبكة الأنترنيت تسهر بالليل والنهار فتقدم خدمات ودروسا خصوصية في الدعم والتقوية تطوعا ومجانا، وهذه الفئة درجة وعيها عالية، وقد تجاوزت الجشع والطمع والاستخفاف واستنزاف الغير، وغلّبت الربح المعنوي الجماعي على الربح المادي الفردي النفعي، رغم الخصاص، وهي كثيرة من حيث العدد على طول وعرض التراب الوطني وهي النخبة التي يجب أن تحظى بالاحترام والإجلال والتقدير .
الوزارة فكرت في آليات الحد من هذا الاستنزاف لكن الخطط ستبقى ورقية إن لم تنخرط فيها النقابات بالتأطير والتحسيس بالواجب قبل الحق، و تنخرط فيها أيضا وزارة الداخلية لوضع حد ل:" تبزنيس" في المجال التربوي، فيجب أن تتجند لتشديد المراقبة على البيوت التي تتحول إلى مدارس ليلية، وتفعّل مهام الشيوخ والمقدمين بشكل مسؤول ودون تستر على البعض، ويجب على نيابات التعليم أن تشدد المراقبة على المدارس الخصوصية وتفعل المساطير والمتابعات القانونية في حق المخالفين كل سنة والتشهير بهم في وسائل الإعلام ليكونوا عبرا، و يجب إشراك الجمعيات والآباء والتلاميذ في العملية .... بل يجب تشديد المراقبة وبصرامة على كل الموظفين خارج وزارة التربية الوطنية الذين يسمسرون ويبيعون ويشترون دون حسيب حتى لا يكون رجال التعليم هم الجدار القصير الذي من السهولة القفز عليه .