زايد جرو – تنغير  / جديد انفو

عندما نتوقف عند الحكومات والبرلمانيين ورؤساء المجالس و الجماعات الذين يدبرون الشؤون المجتمعية ينتابنا  الوجع من  الصراعات والتراشقات والاتهامات  في أجواء مشحونة بالخيبات والتخبطات والتشنجات ،فيبيت المواطن في المبهم ، ولا يستطيع أن يصحو بسهولة ليميز الخيرين من الخبيثين، والذين يعملون لصالح الأمة أو لضدها أو الذين يعملون لصالح أحزابهم  أو لمصالحهم  الشخصية.

وبالنظر لكل هذه التداعيات، وما آلت إليه أمور السياسة في البلاد، من تسلطات  سياسة حزبية ، وهشاشة في المراقبة، فقد  تقع على الجميع المسؤولية الكاملة في حسم  الانتخابات المقبلة، فأصواتنا هي التي تقرر النتائج برغم الانحرافات،  وبرغم المواقف التي تقر العزوف عن  التصويت  في ظل غياب الشفافية وترفض برلمانا مغشوشا في ظل وضعية شعب محتاج لرواتب المنتخبين في الغرفتين  لفك العزلة والتهميش والإقصاء عن المعدومين والفقراء ولإنقاذ الشوارع من  أفواج المعطلين  والحمقى والمعتوهين  والمجانين  المتخرجين من وضع اجتماعي لا إنساني ولا حقوقي ،وبرغم المواقف التي  تقبله بدعوى الديموقراطية التي يقرها الدستور القديم والجديد.

المشهد السياسي لحد الآن مازال ضبابيا ،لأن أغلبية الشعب اختلطت أوراقها أمام سيناريوهات مكرورة ، والعمل بهذا الاتجاه  أو ذاك الذي تم تجريبه  سلفا دون نتائج  ديموقراطية ملموسة  لصالح الشعب سوف يؤدي  إلى نتائج عقيمة ومروعة، وعلى تنظيمات المجتمع المدني والجهود الخيرة في البلاد ان تعمل على نشر ثقافة وعي المواطن وأهمية مساهمته  ودوره في العملية الانتخابية  المقبلة برمتها .

فالدعاية الانتخابية التقليدية كانت تعتمد أساسا على التقارب  العرقي أو التاريخي  بين القبائل ،أو التقارب الجغرافي في السكن ،أو التقارب في المصالح  : هذا منا وذاك منهم ،وذاك  طويل النجاد وذا قصير العماد، وذا من آيت وذاك من آيت  ،فتقام التجمعات والحشود ،وتنقل الناس كالدواب على متن  الشاحنات ،وتنزل هنا وهناك ، وتجلد بالخطب الطويلة التي قلَّ أن يجود بها الزمان على الأنام ،جرسها وبيانها  يقرعان الطبول دون أن يضع الواقفون والجالسون  أصابعهم في الآذان ،وتشتت  على إيقاعها  ونغماتها الأوراق في الشوارع، وكلها وسائل قد تبدو في الحال متآكلة ،حيث ستلعب المواقع الاجتماعية عبر الفيس بوك دور المنصة المتسعة والوسيلة الحضارية السامة، لتمرير الرسائل والصور والفيديوهات ،للدعاية والتأثير  والتعبئة الشاملة والحشد الكبير ،ليوم الحشر والنشر لزهد الكلفة وفعالية التحقق  دون رقابة ،وقد تؤدي الغرض لأن الأعداد المنخرطة في هذه المواقع تفوق التجمعات التي يمكن إحداثها في مكان ما فوق منصة ثابتة أو متنقلة ، فخريطة من يملك (4 ) آلاف صديق على جداره اليومي قد تتسع يوما بعد يوم ،ويمكن أن يمرر لهم رسائل في وقت ضيق جدا  لتنتشر المضامين كالسرطان وتتناسل في ظرف وجيز كتناسل الجراد ، والأمر عينه في المواقع الإلكترونية . فعلى كل الذين ينوون الترشح للاستحقاقات المقبلة أن يعلموا بأن  هذه المواقع يمكنها أن تحسم النتائج ،وعليهم أن يدركوا اللعبة، وينخرطوا في هذه الحرب  الرابحة التي لا يجيدها الا المنتهزون او المتفقهون في الخدع والذين يستغلون  براءة الناس ،وهم أيقاظ ،ويدركون بحق ما يفعلون ذكاء ودهاء أو غباء ،فكلما اقترب الوقت إلا واتسعت اللعبة أكثر بتدبير من مهندسين في التخطيط الانتخابي الالكتروني  ،وستعجز المعجزات عن  تخليص الأمة  من هذه  اللعنة  أمام مسرحيات  مفضوحة  رغم اختلاف  في الإخراج .والمزاليط من المصوتين  تصب على رؤوسهم التعثرات والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على مر الأحقاب.

 فمن اللازم  اللازب  أن ندرك لعب الدعايات الانتخابية الإلكترونية ، وألا نمنح أصواتنا وبصماتنا  إلا للذين يحملون همومنا  ، ويسعون إلى خلاص المواطن من كل ما يمس كرامته، ويحفظ حقوقه، ونلتمس  من المسؤولين في  العملية الانتخابية والأوساط السياسية تشديد الرقابة ،و العمل على إيجاد نقط الضعف  في الاستحقاقات السابقة ومعالجتها بشكل صحي، وعدم السماح  أو التستر على أية خروقات تسيء إلى العملية، لأن الرقابة هي  السبيل الوحيد للنجاة والخلاص مما يجري حاليا  من فوضى وتعثر وغموض الرؤيا في المشهد السياسي.