زايد جرو – تنغير / جديد أنفو
الحديث عن أدب نسوي بتنغير، فيه تَعرّف كبير على المفيد وبحث فيه اندهاش مثير ، في منشأ: النظُم العقلية الذكورية فيه مازالت تصول والمعتقدات الاجتماعية ما زالت تجول، وكل ما أنتجه التاريخ من قيم مازالت فيه تسود، وفي المقابل المعاكس ،فالأدب الذكوري قد بانت بعض نواجده مؤخرا في كتابات إلكترونية تراوحت بين الجدية في الرؤيا ومتانة في الأسلوبية ، وبين سخافة وضعف في الأدبية ، حيث عمد هذا الأخير إعادة وبشكل مكرور الفكر النهضوي بمواضيعه العلمية والعلمانية والدينية والفلسفية دون قراءة انتقاديه خاصة تجعل الإبداع الفكري الخاص متفردا مختلفا عن المعهود حتى يضفي إضافة نوعية للفكر المبسوط لتجعله غير مستهلك، وهناك كتابات ما زالت لم تقرأ بعد وبقيت في الظل بين دفات بحوث طلابية تستدعي زمنا طويلا لتفرك عمش العين لجديتها وجدية المشتغلين فيها كالذين هم منشغلون في القواميس منذ زمن ،أو كتابات في بحوث جامعية طالها النسيان وعلا محياها الغبار فوق رفوف الكليات أو امحى حبر حروفها وسط دواليب البيوت وخشي أصحابها من نشرها إما لهزال متنها ،أو لظروف مادية ما أو خوفا من الشطحات النقدية التي يلوّح بها غير المتمرسين في النقد لذوقهم الردئ وأحكامهم المجانية المتسلطة التي تهدم بالمعول كل بناء ولا تبحث إلا عن الأخطاء القاتلة أو الفادحة، فمن هذه الطينة الآدمية الحقيرة بمفهوم إليا أبي ماضي من ألصق بنفسه صفة الباحث الناقد العالم أو الإعلامي المهني ولا يعرف للبحث طريقا ولا للإعلام سبيلا ،ولم يطلع القراء على أي موضوع له تم البحث فيه ،وسيظل المدعو والملقب بالباحث يبحث ويبحث في الهوام حتى ينتهي العمر ولا تنتهي الصفة التي بها ينتشي ،وريشه الخفيف سيظل ينتفخ وينتفخ يوما بعد يوم لأنه مدرك عن خطأ أن ما في البهو غير قبرات ذات جناح قصير لم تبيض بعد، وهذه الفئة ومن يواليها ويباركها ستظل تطحن الكلام بعجعجة وتغربل السفاسف وتنتشي بالنقيق والتماثل المرذول بأسماء قصبية جوفاء مشينة، وهي التي تسيء للمنتوج الفكري بالمنطقة سمعة وانتشارا، بل تعرقل سير الفئة المفكرة التي لها غيرة كبيرة على المنطقة لأن كوثر دمها منها ودمها نقي تسري فيه الغيرة على الأصل وتحمل حملا يزن الجبال رزانة ومسؤولية ولا تتأفف ولا تقبل النعوت الخالدة الخاوية ولا تساوم ولا تقبل التطبيع وهي التي تُمني النفس ذات يوم بتشكيل نخبة أنتلجنسية مفكرة وهي التي أشد على أياديها رغم بعض العتاب الخفيف لها من حين لآخر والذي لن يصل إلى درجة اللوم أبدا، بل أصرح لها في السر والعلن بأن شبابها هم أشاوس الغد القريب فكرا ومنطقا وجدية وعملا.
وطيلة تتبعي الساحة الثقافية عن قرب ملاحظا بل مشاركا في بعض الأحيان بتنغير منذ مدة لم يبارحني الحكم على أن الأدب النسوي محتاج للكشف ولا بد من رحلة عسيرة لإخراجه من الخفاء وتحريره من أصفاد التاريخ الذكوري الذي هيمن ومازال يهيمن لحد الساعة فالعديد من الأديبات الكاتبات من النساء تبدعن وتكتبن في صمت كل مغاير ومختلف ومؤدب ومتخلق ومحتشم تقرأن وتحررن، بمرجعية علمية وأدبية وبكفاءة مهنية وتؤسسن للتواصل رغم ضيق ذات اليد للإعلاء من الشأن المحلي لتحقيق الأنا الأدبية وللتعبير عن أمر من أمور الحياة الجارية، لكنهن ترتجفن خوفا وذعرا من التشهير ومن الانتقاد، بل تهبن الكتابة تحت العيار الأخلاقي الثقيل لكلمة "عيب" بين العائلة والأسرة والمجتمع ، ومن خلال المواضيع التي تُبعث من أقلام نسائية طلبا لنشرها بجرائد ورقية أو إلكترونية بأسماء معروفة ومعلومة يتم التراجع عن نشرها حين إخبار كاتباتها بضرورة إثبات الاسم الحقيقي غير المستعار مصحوبا بصورة المعنية للحفاظ على الأمانة ولنقل الحقيقة الحقيقية تجنبا للعبارة المزيفة التي تطالعك في بعض المواقع " امتنع صاحب المقال التصريح باسمه " التي يمكن أن تكون حقيقة أو من صنع صاحب الموقع الذي يرغب في تمرير معلومة له فينسبها لغيره مقتا وهو صاحب الرأي ولا أحد كتب إليه وتلك آفة من آفات العلم ونشره، فتمتنع الكاتبة عن النشر بل تقبل بنشر الموضوع دون اسم وبدون صورة فيكون التبرير أن آيت تنغير لا يرحمون ولا يمكن بأي حال أن يتم تداول الموضوع دون احترام معايير النشر لأن المواقع التي تحترم القراء تدلي بكل ما يمكن أن يضفي مصداقية على الخبر من حيث التوثيق حتى يمكن تداوله بالطريقة العلمية تجنبا لبناء موضوع أو خبر بدون مؤلف فيكون التوثيق ناقصا قاصرا بالاعتماد على المتن فقط دون السند.
فحبذا لو تدخلت جمعية ما أو منتدى ما أو اتحاد ما لتبَنّي الأدب النسوي بتنغير ولن أقول في يوم من الأيام أنني الداعي الأول لحفظ الإرث النسوي من الضياع، ولن أكون شبيها بالذين يقولون: إننا صنعنا أكبر" قصعة "كسكس أو صنعنا أكبر كيس بلاستيكي بيئي في العالم ولنا السبق والشهرة بالفعل من حيث الكم والكيف ،بل سأكون بفكرتي مجرد داع وبادئ ،والآخرون سيكملون المشروع وسيحسب لهم الفعل سواء ذكروني أو طمسوا ندائي ،فلن ألوم أحدا ،فكم من فكرة كانت لي بذرة ونمت واتسعت فانفلتت من اليد لتصبح فكرة جماعية أو جمعوية عامة ،وما قلت ولن أقول أبدا أنا الأول صاحب الفكرة وما الآخرون إلا أذنابا تابعين .....وما أصل الحديث عن أدب نسوي بين الخفاء والتجلي إلا فكرة من أجل أن تدخل النساء الأديبات المنسيات أبواب الشهرة الواسعة أو الضيقة أو البَيْن بيْن، لدفع كل الأبواب المنيعة التي يحرسها الأشداء الشداد السفاحون الأقوياء الأوتاد من الرجال الذين يملكون سلطا من المعتقدات أقوى من سلط السلطان و وتزكي حراستهم القيم المتجاوزة التي أبت الرحيل من أعماق التراث والتي يصعب تجاوزها بالكاد أو نقاشها إلا بِشِقِّ الأنفس .