زايد جرو – الرشيدية / جديد انفو
ولدت كما يولد جميع الناس بمكان سماه الكثير المغرب غير النافع ودرست بمدرسة طينية اختلطت فيها المستويات ولا يعرف معلمنا (لحبيب) شيئا إسمه الأهداف ولا الكفايات ولا بيداغوجية الإدماج ولا التنمية الذاتية ولا الاحتجاج للترقي ولم يتشبع بالثقافة الحقوقية لكنه كان يعرف الأخلاق النبيلة والسلوكيات العالية والحفاظ عل زمن التعلم ودرجة الوطنية فيه عالية جدا.
أجلسني في مؤخرة الصف لقامتي الطويلة رغم انني أنفعه في مسح اللوح الأسود الذي لا يكلفني قفزا من أجل مسح التاريخ السابق كما يفعل الصديق الملقب ب ' الحيضابو ' الذي يقفز أكثر من القرد لكنه لا يصل... أعجبني المعلم الكبير في السن والكبير في التعامل من خلال وقوفه على صورة غلاف إقرأ للكاتب بوكماخ : بقراءته لصورة متعلمة أنيقة وصورة متعلم انيق إلى جانبها، فحفر التحليل أخدودا في ذاكرتي يصعب نسيانه على الدوام ،فمنذ ذاك الحين وُشمت في ذاكرتي صورة المعلم المتسامح المعطاء .
في يوم الجمعة يهل علينا بلباسه الأبيض، يرفض كلمة صباح الخير لأنها إرث من النصارى ويلح على جملة التسليم في الإسلام كاملة نرددها بصوت واحد لزرع قيم السلام والتسامح كالنشيد الوطني الذي تهتز له مشاعرنا وعواطفنا أثناء ترديده، خلاف متعلم اليوم الذي لا يسلم ولا يكلم ولا يصبح بل يهل ويلعن ويشتم على بكرة الصباح.
أتذكر معلمي يؤذن لصلاة العصر فيجتمع الصبيان، ويقيم الصلاة، نصلي خلفه بشكل حميمي الا القليل من الأطفال الشياطين الذين " يُكَركِرون "من الخلف ويعبثون بالنعال لإفساد هذه اللحظة الحميمية التي لا تحدث الا ناذرا في مدرسة اخرى، والمعلم غير مكترث بهم لأنه الإمام في الأَمام وهم في مؤخرة الأواخر كعادتهم في الأنشطة الصفية ....واستمر الزمن رغم القساوة وفزت في جميع المراحل التعليمية ونلت ما نلت من الضرب والجوائز ، وانتهت السيرورة التعليمية بكاملها واوشكت الحياة الوظيفية والمهنية على النهاية وصورة معلمي لا تفارقني ..وبكل خصاله وقيمه التي لازمتني طوال مساري وجدت معلمي قد افسد حياتي لأنني كلما قارنت رجلا آخر به سقطت من عيني كل الرجال .