زايد جرو / الرشيدية
تتنوع وتكثر الأمثال والحكم في الحياة بجهة درعة تافيلالت او غيرها من الجهات فتحمل قيما ومعاني عميقة وتصدر من أشخاص ليسوا بالضرورة علماء، أو مفكرين، أو ذوي ذكاء خارق، بل هم أشخاص عاركوا الحياة وعاركتهم، وعاشروا أصناف متعددة من البشر فسجلوا بالكلام الدقيق والموجز تجاربهم إما شعراً، أو نثراً بعبارات دالة قصيرة، تعبر عن خبرتهم العملية بالحياة، وهي صالحة لكل زمان ومكان وفي كل نطق ولغة .
" خلي داك جمل راكد "حكمة أو مثل متداول يعني الرغبة في التستر والتكتم والامتناع عن البوح بالحقيقة ووضعها موضع المصارحة والابتعاد قدر الإمكان عن صواب الرأي وسداده، والتكتم أيضا عن الرشيد من الفعل لأن البوح به يعني المكاشفة والنتائج ستكون معقدة .
لو شرحنا الحكمة أو المثل بالضد وافترضنا ان ذاك الجمل نهض فالمصيبة ستكون أعظم ، فربما يكون ذاك الجمل "مندورا "وسيغضب ويتهيج وتخشن طباعه ويتغير سلوكه لعدوانية مفرطة ولن يميز بين صاحبه ولا صاحبته لا من البشر ولا من النوق و لا من الحيوانات الأخرى، ولن يتوقف عن الجري طول اليوم ليلا ونهارا وسيصدر أصواتا مزعجة ومخيفة " وكشكوشة" بيضاء ممزوجة باللعاب ستتساقط من فمه ،وستكون رغبته عالية في الانتقام ،وربما سيصاب بمرض "الهيم " بكسر الهاء وسيظل يراقب الشمس من المشرق حتى المغرب فيعطش ولن يرتوي وسيذوب شحمه وعلاجه سيتطلب ابتلاع أفعى"ا م جنيب "ليتفاعل السم مع دمه ،وقد يشفى حسب تجارب البدو ... ونظرا لخطورة الأمراذا وقف ذاك الجمل اوخطورة شرب الهيم "تمت صياغة المثل اوالحكمة "خلي داك جمل راكد"ويمكن العودة لشرح سورة الواقعة الآية (55 ) " فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ"للوقوف على خطورة المرض.
التركيب اللغوي والدلالي"خلي داك جمل راكد"يحمل شحنة دلالية كبيرة يمتزج فيها التهديد بالوعيد وفضح المستور وتستعمل ساعة الحنق وصاحبها ربما يملك اسرارا ودلائل اذا نطق بها ستتقوى المصائب فيضطر الآخر المتلقي أحيانا الى الرد بمثل اخر فيه التحدي الكبير بالقول"أعلى ما ف خيلك اركبوا " او ما شابه ذلك اذا كان واثقا من خلو ذمته من التهم او اللجوء الى الصمت اذا كان المتلقي "واكل لعجينة " كما يقال.
فلنترك ذاك الجمل "راكد" أفضل ونحاول بكل القوى ألا يقف حفاظا على ماء الوجه ولو نفاقا ، وكل النصح لكل المسؤولين والتربويين والمثقفين والحقوقيين والمتفقهين في الدين من مؤيدي الرقية الشرعية من العين والحسد ان يتركوا بدورهم "جمل راكد " أما اذا نهض فلن يبقى أي وجه لكل وجه وسيضطر كل وجه الى كراء "حَنْك " فرنسي او الماني أو سويدي للظهور به في اليوم الموالي ، اللهم استر عيوبنا وعيوب المسلمين اجمعين كما يردد الفقيه "يشو" الأحول في خطبة يوم الجمعة كل اسبوع.