زايد جرو- جديد انفو
بجهة درعة تافيلال يتداول الناس تركيبات تراثية قديمة من قبيل " نْفيخ لْبَعْرَة "ويقل استعمالها من الجيل الحاضر نظرا للتغيرات التي طرأت على كل مناحي الحياة اجتماعيا ونفسيا وثقافيا ...ورغم كل هذه التحولات، فالأجيال جميعها تتبادل التجارب ويُساعد بعضها بعضا، ويسخر الكثير من الكثير وينافق الكثير الكثير، فتتولد في الأفراد شخصيات وهمية يتقمصونها ويلبسونها ويقضون بها الحاجات ويلعبون بها على الناس وبالناس فيزكيهم الآخرون ويضحكون في وجوههم نفاقا أو حشمة فتتولد لديهم شخصية مرضية مبنية على الغرور.
من هذه التعابير التراثية الكثيرة التي تستعملها ساكنة درعة تافيلالت هي النفخ في البعرة وتتعدد دلالات ذلك في الحقيقة حيث تثقب عادة بعرة البعير ثلاث ثقب بتجويف بين هذه الثقب والنفخ في أحدها يحدث صوتا كصوت الناي وبتحريك الأصابع يتحول النفس إلى ما يشبه الموسيقى فتعتقد البعرة أنها آلة موسيقية ذات همة وشأن تطرب السامعين وما هي إلا بعرة وفضلة ومثيل ذلك في المتداول من العبارات مثل " تينفخ ف جعيبة" حسب روايه أحد شيوخ قصور تافيلالت والعهدة عليه.
والتعبير المجازي للعبارة يتعدد حسب المقام وحسب الجمع والجماعة ، ودلالتها المجازية أنك تعظم شخصا وتصنع منه شخصية أخرى، فيستحلي الإثراء والتمجيد مثلما يستحلي جميع الناس اللحظات الأولى من العناق قبل أن يتحول لخنق الأنفاس ، فيزيد في الحديث ويصنع المعجزات بالكذب معتقدا أن المستمعين مصدقون الكلام ،وحين يغادر المكان يقهقهون من ورائه ضحكا منه وعليه، وحين اللقاء مجددا يلكز بعضهم بعضا للزج به في كذب جديد، فينفخون في بعرته لكي يحدث صوتا جديدا ،ويختلق موضوعا آخر، وتستمر حياته في لا شيء دون أن يسأل نفسه ذات يوم : متى أكون صريحا مع نفسي ، ومتى أكون رجلا مترجلا لأحس بقيمة أنا من نفسي ،لا من قيمة ممن يحيطون بي من المنافقين الذين أعايشهم بالصبح والعشي.
نفيخ البعرة تركيبة لغوية شعبية مرجعيتها المتداول بين الناس من ثقافة الجهة، يساعد بها بعض الناس البعض على ارتداء معطف مغشوش الصنع للتباهي بالخواء والهوام للخطو فوق التراب بالارتياح والإعجاب، وما المعطف غير عجين مائع يلتصق بكل الجوانب .وذاك ضرب من النفاق ،ورحم الله عبدا عرف قدْر نفسه وقدر ممن يحيطون به في أي مجمع كان.