مولود بوفلجة - جديد انفو
جميع الأعياد و المناسبات فيك يا وطني السعيد رتيبة مكرورة نشم فيها رائحة الاستعراض و الاحتفالية المفرغة من مغزاها الحقيقي..يتحدث عنها الإعلام في كل موعد حديث تلميذ مجتهد في مادة التعبير و الإنشاء. فعند حلول كل عيد فطر يكون الحديث عن صلاته و زكاته و عن لبس الجديد ،و عند حلول كل عيد أضحى يكون الحديث عن الكبش الأقرن الأملح و عن طقوس الذبح و الشواء و تبادل الزيارات و صلة الأرحام و عند كل عيد مسيرة أو استقلال تعاد المشاهد ذاتها و الصور ذاتها و الأغاني ذاتها في مغرب الزمن الثابت نحتفل بأعياد الغياب بعيد الشعر و عيد الأم و عيد الطفل و يوم الموسيقى و البيئة و يوم المدرس.... دون أن يكون لها صدى في حياتنا اليومية.
و بحلول يوم 8 مارس من كل سنة يتم الاحتفال بعيد المرأة و يومها الأممي فتملأ الشاشات و القنوات التلفزية تلكم الأوجه المعهودة ،التي أوكل إليها بالنيابة، الحديث عن كل النساء، وجوه مختزلة في السنوات الأخيرة في نوعين نمطيين لا يكاد يكون لهما ثالث:
- متحجبات امتطين ظهر الدين و أوصلهن إلى المقام السعيد و إلى جنة الأرض قبل الجنة الآخرة فانخرطن في جمعيات الاحسان و الصدقة و التزويج و الدعوة الى الالتفاف حول الشيخ فهو الطريق إلى الله.
- نساء تقدميات بتسريحات شعر نمطية متشابهة أوصلتهن الكوطا و المناصفة و مسالك أخرى الى مراكز القول و القرار.
فيكثر القول و اللغط عن تنزيل الدستور و عن محاربة العنف و التحرش الجنسي و عن دور المرأة في التنمية و لا يكون لنساء الهامش و ربات البيوت و المهاجرات و الرحل أي حظ من الحديث.
فالأغلبية الصامتة و المغيب صوتها و صورتها من إعلام الواجهة حظها من وطنها هو التهميش و الإقصاء. و لهؤلاء تخصيصا أقول عيد مبارك سعيد:
عيد سعيد للواتي طالهن عنف الأفراد و عنف الدولة و قهر الأزمنة و جبروتها و لم تبلغهن التحية من أحد.
عيد سعيد لنسوة بلغن من العمر أرذله و أصبحن عرضة للوحدة القاتلة تتنقلن بين بيوت الأبناء و الأصهار و دور العجزة.
عيد سعيد لربات البيوت و أشباه البيوت ممن تقضين الأيام المتشابهة المعادة بين الصحون و الأواني و مساحيق التصبين لإرضاء الزوج ووالديه و بنيه في مهنة تعد قدرا محتوما على جل النساء دون تقدير و لا اعتراف.
عيد سعيد لمن أضربت على البيض و اقتسمت البصلة الواحدة بين وجبتي الغداء و العشاء حفاظا على الاستقرار الأسري و على استقرار مغرب الاستثناء.
عيد سعيد لفتاة أفنت زهرة عمرها بين مقاعد المدارس و الجامعات و حافلات النقل و تنكر لها الوطن و تركها للعطالة و لعنوسة العمل.
عيد سعيد لفتاة في مقتبل العمر لا يحد زمن يومها الذي تقضيه وراء قطعان الغنم، سوى شروق الشمس و غروبها ،لم تمسك بقلم و لا ولجت حجرة درس ،و عيد سعيد لأمها التي تقضي يومها بحثا على حطب للتدفئة أو لطهي ما يسد الرمق.
عيد سعيد لنسوة يُستغل جهلهن باسم العمل الجمعوي و يتم عرضهن مع معروضاتهن و تؤكل الولائم وتتم التدشينات و تقبض المنح باسمهن و يخرجن من "المولد بلا حمص".
عيد سعيد لأستاذات الغد اللواتي وقفن في وجه الطاغوت و في وجهة ارتجالية الدولة فأصبحن عرضة للتنكيل و الضرب من رجال غلاظ شداد في بلد الحق و القانون.
عيد سعيد للنساء اللواتي ضقن درعا بالفقر و كذب المسؤولين و من غلاء فواتير الماء و الكهرباء فخرجن للشارع حين تراجع أصحاب الشوارب و لزموا الصمت و خلدوا إلى سكينة الخوف و الولاء.
عيد سعيد لنسوة لفظهن الوطن لما وراء البحر محملات ب"الكرداس" و" الكديد "و العدس و اللوبيا للاشتغال في حقول اسبانيا و عيد سعيد لمن تشتغلن عند اقطاعي الفلاحة بالبلد و تنتظرن هن الأخريات أول فرصة للرحيل.
عيد سعيد لخادمات البيوت و السخرة اللواتي يمر من أمامهن العيد و لا حظ لهن منه غير "التخمال و الشقا" و غسيل الماعون و السب و الشتم و التعنيف.
عيد سعيد لنساء حوامل قضين و هن في الطريق إلى المستشفى بعد أن باغتهن المخاض و هن على ظهر دابة أو "بيكوب" أو "تريبورتر" فأُجهضت الفرحة و سَلب منهن إهمال الوطن زهرة شبابهن.
عيد سعيد حتى لتلك التي "تكلفت و تسلفت" و أعدت بالمناسبة "كيكة" بما اتفق من الدقيق و زوقتها "بشكلاط الفيل".
عيد سعيد للتي تقضي يومها جله أو كله تتنقل بين القنوات متعقبة أفلام الترك و المكسيك و الهند و الترك فتستعيض عن حب مفقود بحب مهند أو فراس و تُنصب نفسها في الخيال أميرة من أميرات حريم السلطان.
عيد سعيد لكل من لم يتسع المقام لذكرهن من نساء المغرب المنسي مغرب البطالة و القهر و الفقر و الجوع و المعاناة ،مغرب الحقيقة لا مغرب الزيف و الكذب..