مولود بوفلجة - تنغير / جديد انفو
شكلت زيارة وزير الصحة السيد لحسن الوردي حدثا مشهودا و لحظة تاريخية فارقة عند أصحاب الذاكرة المثقوبة و لدى الانتهازيين و محترفي التملق و التزلف و الوصولية و لدى البسطاء ممن يجرهم تيار الإعلام الرسمي ليحولهم إلى كائنات احتفالية همها التصفيق و الاستقبال لافتقادها للقدرة على الانتقاد و التحليل . فتم تسويق الحدث لمن له مصلحة في ذلك على أنه فتح عظيم ستنعم بعده ساكنة مدينة تنغير بموفور الصحة و التعافي من الأمراض .
و الزيارة المعلومة أطرها نشاطان اثنان:
أولهما جانبي، تمثل في افتتاح المركز الصحي بئر انزران .و هو حدث عاد لا يستدعي حضور الوزير بجلال قدره و موكبه لأن الأمر لا يعدو مجرد تنقيل لبعض الخدمات وبعض المعدات و بعض الموظفين من المستشفى الإقليمي للمدينة إلى المركز الجديد. و للتذكير فقط فقد سبق للعامل السابق على الإقليم أن وعد بفتح هذا المركز بعد المسيرة النسائية الاحتجاجية على هشاشة الوضع الصحي بالمدينة و تدني خدماته. و ربما تدخلت أياد خفية لإرجاء الأمر حتى يوكل الافتتاح للوزير .
ثانيهما و هو الأساسي تمثل في المنحى الانتخابي للزيارة لحزب السيد الوزير المنخرط في التحالف الحكومي الهجين و ذاك ما تِؤكده الدعوات التي جاء فيها اسم الوردي مقرونا بصفة ''الرفيق'' فتذكرت حينها أن حزب التقدم و الاشتراكية هو سليل الحزب الشيوعي المغربي الذي أسس منذ 1943 على مرجعية يسارية لينتهي به الأمر في اخر أيامه إلى مجرد حزب انتخابات يجري وراء الحقائب لا حزب نضال مثله في ذلك مثل جل الأحزاب المغربية التي يستوي فيها أهل اليمين و أهل الشمال ممن امتهنوا فن صناعة الوعود الكاذبة .
كان ''اللقاء التواصلي'' مناسبة لجميع من حضر للتبرك بقدسية المكان بالقاعة الجديدة الأنيقة بفندق تماسينت، و لأن الوزير حل هناك فقد انتفت كل أسباب التخلف عن اللحظة فحج الناس إلى ''المكان المعلوم'' من كل حدب و صوب و قد تسربلوا بالجلابيب البيض و البذل القشيبة بعد أن أحكموا وثاق ربطات العنق و تدافعوا للاقتراب من الزائر الذي قل ما يزور لأخذ صور للذكرى و هللت المداخلات بالزيارة و أجزلت في الشكر و الثناء و التمجيد لعمل الوزير و التفاتته الطيبة خلافا لمن سبقوه و تحدث الحليف الإسلامي على أن الوزير أعفاه مما كان ينوء به الظهر من مسؤوليات أمام الساكنة....
و تبقى البشرى و النبأ العظيم الذي حدَّث به الحاضر الغائب و تباشر به الناس هو المستشفى الإقليمي الذي سيبدأ فيه'' الحفر'' على حد تعبير الوزير في شتنبر أكتوبر 2015 و سينتهي سنة 2017 و لا نملك سوى القول ''إن شتنبر لناظره لقريب ''و للتخوف طبعا ما يبرره لأن للحكومة ولوزارة الصحة سوابق في الوعود التي لم تتحقق أو التي تأخر انجازها سنوات عدة و لنا في تنغير أمثلة جلية لمن يعتبر. فقد مرت سنوات على إحداث الإقليم دون بناء مقرات مؤسسات العمالة و النيابة على سبيل التمثيل لا الحصر بل إن الجهات المسئولة لم تستطع الالتزام بمجرد إتمام بناء المؤسسة التعليمية المرابطين في الوقت المحدد له .
و حتى إن سلمنا جدلا أن بناء المستشفى و تجهيزه بالمعدات سيتم في حينه ،فإن الموارد البشرية ستشكل معيقا إضافيا و قد سبق للوزير أن صرح بأن الممرضين و الأطباء يرفضون الالتحاق بالمناطق النائية . فلو كانت النية صادقة في تأهيل الخدمات الصحية بالمدينة لاتخذت حلول أولية استعجالية لا تحتمل الانتظار من قبيل توفير سكانير و معدات طبية حتى لا يضطر المواطنون للتوجه للرشيدية أو ورزازات للاستشفاء فيستنجد الغرقى بالغرقى فما الوضع هناك بأفضل.
إن اخر ما يجب التطبيل له في ظل الحكومة الحالية هو قطاع الصحة التي يشهد حالة ترد و تراجع كبير في مستوى الخدمات لانعدام المعدات و للنقص الكبير في الموارد البشرية .و الصور المهينة التي تعج بها صفحات المواقع الاجتماعية تفضح واقع حال هذا القطاع بما لا يدع مجالا للمزيادة و التضليل.
مجرد وجهة نظر و أتمنى أن تكذب الأيام القادمة تخميناتي و أن ينجز المشروع في حينه و متم سنة 2017 هو الفيصل .