مولود بوفلجة - تنغير / جديد أنفو
أخيرا انتهى النقاش المحتدم حول الجهوية بترسيم الجهات من طرف من أوكلت إليهم مهمة الترسيم و انتهت لعبة الصراع المحموم في مغرب الهامش حول المدينة /الولاية فقرر أصحاب القرار و ممثلينا الذين يحسنون التمثيل و النيابة بأن الرشيديه هي المركز و الولاية للجهة الجديدة ''درعة تافيلالت'' فاغتبط من اغتبط و حزن من حزن .
و في خضم اللغط حول المدينة التي تستحق أن تكون ولاية الجهة انتفت و غابت مقولة المغرب الشرقي و المغرب المنسي و المغرب العميق لفائدة ''مدينتي'' و ناسي يا ناسي'' و بدأ التناطح بين من ألفوا التناطح دون القدرة على الفعل لأنه موكول بالضرورة لغيرهم و سلم هؤلاء بمشاعر مختلفة بأن لا إله إلا الله و أن المخزن هو المقرر بإذن و مشيئة الله لا تشفع عنده مرافعة و لا تقديم ولاء و لا زيارة إلى الرباط.فقبل الإقرار الرسمي اشتعلت حرب ضروس في المنابر الإعلامية الالكترونية و في مواقع التواصل الاجتماعي وفي فضاء الجمعيات بين منتصر ل''ورزازات السياحة والسينما ''و منتصر ل ''الرشيدية سجلماسة التاريخ '' في سياق خطابات تتغطى ظاهريا بالديمقراطية و الأحقية وتتخفى جوهريا وراء التعصب و الانغلاقية و محدودية الإحساس بالانتماء الإنساني في حروب بين أناس لا يعون شرطهم الاجتماعي و الوجودي مؤكدة الارتباط الوثيق بالعصبيات بدل المؤسسات لأننا لا زلنا نعيش في ''ظل تشابك الأزمنة بين قبلي و حديث'' فأصبح الكل يدافع عن أحقية مدينة القرب أو الانتماء بدافع التبعية الانفعالية و الحقيقة أن الجهة بأكملها هي تجميع لمدن الفقر والبعد والتهميش و البرد و الحر الشديدين .. ميدلت البرد والمناجم المعطلة والمجد المفقود، و الرشيدية البساطة و التعايش مع الفقر الموروث ،و تنغير الهجرة والفضة غير المرئية ، و ورزازات السينيما و الفناديق الفاخرة المجاورة لأحزمة البؤس و زاكورة الإقصاء في ابلغ صوره.. فتجميع هذه المدن يعد تكريسا للفوارق الجهوية على المستوى الاقتصادي و المستوى الاجتماعي فالشرط الموحد و القاسم المشترك بين أقاليم جهة ''درعة تافيلالت'' هو التجانس في التهميش و البعد عن المركز و صعوبة الظروف الطبيعية و شح مواردها و الفقر و غياب المناطق الصناعية و فرص الشغل ..و الغريب هو أن كل الانشغال انصب على مقر الولاية باعتباره أولوية دون أن يتم الالتفات إلى التوازن المفترض و التكامل بين مدن الجهة
و المخافة التي لها ما يبررها دائما في مغربنا الفريد هو أن هذه الجهوية لن تكون سوى إجراءات تقنية و إدارية لن تمس المعيش و اليومي كما كان الحال مع مشاريع سابقة كالتنمية البشرية واللامركزية و ما سمي بالحكامة و هلم جرا من المصطلحات و المخططات بألوان الطيف فالمواطن لن يلمس في يوميه الإضافة التي ستحققها الولاية و الجهة الجديدة.. فموازاة مع المؤسسات و البنيات التي ستأتي بها الولاية الجديدة سيكون هناك غلاء لأسعار العقار و سومة الكراء و ظروف العيش عامة و سيذهب البسطاء بين الأرجل و لن ينالهم من الجهوية إلا اللهب المعيشي و ارتفاع وتيرة الحياة المصاحبة لها
و الأمر المؤكد هو أن مدن الجهة لن تفك ارتباطاتها التقليدية بمدن المركز بمجرد تقسيم على الخرائط بل يلزم شق الطرقات ومحاربة الهشاشة و هي أمور لا نظنها محققة لذلك فورزازات و تنغير ستبقيان مرتبطتين بمراكش و أكادير أما زاكورة فستبقى وفية للدار البيضاء و مراكش أما الرشيدية فستبقى صلتها وثيقة بمكناس و فاس كما ستحافظ ميدلت على علاقتها المتجدرة بخنيفرة و بني ملال و مكناس ضدا على التقسيم الجهوي و ترسيمه من باب لكم تقسيمكم و لنا تقسيمنا لأن القاعدة هي أن الفقراء و المهمشين لا يحتمون ببعضهم ولأن الجهة تفتقد إلى قطب مركزي جاذب
والسؤال المنطقي و المشروع هو هل ستكون للجهات و مجالسها القدرة على اتخاذ القرارات المصيرية في ظل هيمنة المركز الذي يفرض تطابق السياسات الجهوية مع السياسات الوطنية أم أن الجهوية الموسعة لن تكون سوى ترحيل المشاكل و الاحتجاجات من الرباط إلى الجهات؟