الجزارة صناعة ترضي الكثير من الحاجات الثقافية في الأوساط القبلية المغلقة، لذلك انتظمت، في الغالب، في غلاف مناسباتي ثقافي، مادام الثقافي يلتهم الطبيعي (الفيزيولوجي). وبعبارة أخرى، اتخذت الجزارة منذ القديم طابعا سوسيولوجيا لعلاقتها بالتعاون، وطابعا ثقافيا لعلاقتها بثقافة الدم، وثقافة الجوع أيضا. وتعد اليومية القمرية إطارا زمانيا يضم مناسبات أكل اللحم. فالطابع السوسيولوجي للجزارة تعكسها «الوزيعة» وطقوسها، والطابع الثقافي مرتبط بما للذبائح من تأثير على الأرواح التي تحضر في مناسبات الدم كالولادة والختان، وهناك ذبائح الأعتاب والأبواب. وللوزيعة علاقة بثقافة الجوع، فالحرمان من أخذ النصيب من الوزيعة لضيق ذات اليد، يعد واحدا من المآسي والويلات. وتضم اليومية القمرية مناسبة الجزارة طمعا في الفدية، أو الأضحية (Pasca) بالأرامية، والتي تدعى بالأمازيغية (تافاسكا)، ومنه (Agneau pascal)، كما ورد في التوراة، أو طمعا في الاحتفال بليلة ما، عاشوراء، والمولد النبوي، والإسراء والمعراج، 26 من شهر في شهر رجب (بويمركيدان) بالأمازيغية، أو مناسبة ميلاد المهدي المنتظر، أو الحسين بن علي، أو ليلة القدر. ولأن الجزارة مرتبطة بالطقوس، وعادة ما تجرى في المزارات الصخرية (كهف بوعروس)، والمائية (بحيرة تيزليت)، والنباتية (أخليدج أمرابط)، والبشرية وعددها كثير بالأطلس الكبير الشرقي، فإن هناك مسالخ في حاجة إلى العناية، أو إحداث مسالخ حديثة تضمن بعض النظافة والصحة ارضاء للحاجات الثقافية لهؤلاء.