ليست بالجديدة علينا- نحن أبناء هذا البلد المنضوي تحت لواء دول العالم "الثالث" أو "المتخلف"- منظومة آلية القمع التي لا تفرق بين ما هو حق للمواطن و بين ما هو شغب أو فوضى مجانية.
أن يقمع احتجاج الأمازيغ ليوم أمس الأحد بأنفا، ماهو إلا دليل آخر على أننا كدولة، لن نبرح صف الدول المنغمسة في التخلف و لو بعد حين. قمع شرس و مطاردات في الأزقة و سب و قذف و ضرب وإهانات، فقط بسبب تنظيم احتجاج تنديدا بحالة اللامبالاة التي نهجتها الحكومة إزاء ضحايا الفيضانات الأخيرة التي عرفتها بقاع الجنوب و الجنوب الشرقي، مع العلم أن هذه أوضاع ليست ضمن ملفات سرية أو مسكوت عنها، لكن ما يتأكد دوما، هو أن كل شيء أصبح محظورا تحت سمائنا و ربما لن يكون لنا الحق الخوض في قضايانا و لو همسا مستقبلا أو حتى مجرد التفكير فيها.
الغريب و المحزن و المؤسف و أيضا ما قد يؤدي إلى انفجار مرارة البعض منا، هو أننا في بلد كل مسؤوليه يتغنون بالحقوق و احترام التعددية و أن الأمازيغية هي مرجع و مكون لكل المغاربة و من دون مزايدات من فضلكم! أين نحن من هذا الكلام و من تكون تلك القوى القمعية في الشارع إن لم تكن تعبر عن سياسة حكومة و هي كلمتها الأخيرة بعيدا عن أي إعلام جميل أو منابر حقوقية ملغومة!
التدخل العنيف لقمع احتجاج أنفا ليوم 28 ديسمبر هو رد فعل قوي حيال الضغط الذي تمارسه الحركات الاحتجاجية الأمازيغية لانتزاع الحقوق المشروعة، حيث تبقى السلطة تائهة بين تسويق صورة بلد الحريات و الحقوق لكسب رضى القوى "الاستعمارية" سواء اقتصاديا أو سياسيا، و بين قطع الخلف لكل أمازيغي ينادي بأمازيغيته و شرعنة كل الحقوق المترتبة عنها.
هذا غيض من فيض و حقا إنا مللنا هذا النفاق السياسي و لعبة شد الحبل التي ترفض أن تنتهي.
و عليه، كل التنديد لما طال النشطاء الأمازيغ في احتجاجهم السلمي و كل الرفض لقمع حق مشروط ينص عليه الدستور و متعارف عليه دوليا و هو حق التظاهر .. اللهم إذا كنا فعلا في بلد الاستثناءات