مولود بوفلجة - تنغير / جديد أنفو
الفضيجة لا تكون فضيحة إلا إذا شاعت و ذاعت بين الأنام ..يوم 11 دجنبر 2014 كان يوم فضح مشهود لكذبة الريادة المغربية في كرة القدم على المستوى الإفريقي و قصة المنشآت الرياضية العظيمة والملاعب الكبرى.. كان الأحد/الفضيحة نتيجة حتمية لسيرورة من الكذب و التظليل فانكشفت أسطورة التميز المغربي و البطولة الاحترافية الوهمية التي قد يصبح اللاعب هدافها بعشرة أهداف أو أقل و قد لا يتعدى عدد أهداف إحدى دوراتها ستة فقط لذلك تتساقط فرقها تباعا مثل أوراق الخريف عند كل استحقاق إفريقي. و بطولتنا الاحترافية هذه لم تعد تنجب اللاعبين الذين يشكلون المنتخب الأول لأن جلهم يفدون من البطولات الأوربية و هم من أبناء الجلية الذين تربوا و تكونوا هناك دون أن يكون لهم ارتباط عميق بالثقافة المغربية و لا بخصوصية الممارسة الكروية الإفريقية و الغريب أن الرأي العام تثور ثائرته مشككا في وطنية كل من اختار اللعب بقميص منتخب البلد لذي تفتقت موهبته و صقلت فيه كحال أفلاي و الحدادي و أخرين.
وبعد الإقصاء المعلوم من التنظيم و المشاركة في كأس إفريقيا لسبب قالوا إنه الايبولا التي بدأ الحديث عنها يخبو كما كان الحال مع انفلونزا الطيور و الخنازير الجردان، جاءت أم الفضائح على مرأى و مسمع من العالم بأسره فاستحال على من اعتادوا التعمية و التعتيم ستر ما لا يمكن ستره. فكان البدء بتقهقر فريق المغرب التطواني بعدما ضخم الإعلام الرسمي من حجمه و جعله فريقا عالميا قبل الأوان ثم جاء اليوم المعلوم الذي تحول فيه ملعب الرباط إلى حقل أرز أو بطاطس على حد تعبير بعض المعلقين الأجانب فضحكنا ضحكا يشبه البكاء . سيذكر العالم لمدة طويلة مشهد الكراطة العظمى و مشهد العاملين و هم يعصرون الأسفنج، الذي يبدو أنه فراش أحد الحراس ، في مشهد مغربي متفرد.وهنا لابد أن نستحضر أن المغرب قد ترشح لاحتضان كأسي العالم لسنتي 1994و2010 و أزبدنا و أرعدنا حين أسند التنظيم لأمريكا و بعدها لجنوب إفريقيا و تحدثنا حينها على أننا الأقرب و الأحق لأننا نتوفر على الشمس و البحر و الأمن و القرب من أوروبا... لنجد أنفسنا بعد سنين عديدة عاجزين عن تنظيم بطولة خلقتها الفيفا لغرض تجاري صرف و سمتها كذبا الموندياليتو لتهديها إلى فرق أوربا أو جنوب أمريكا.
و للذاكرة أيضا فتاريخ المغرب الكروي هو تاريخ انتكاسات و تراجعات فالبلد لم يفز بكأس إفريقيا إلا مرة واحدة سنة 1976 في حين فازت مصر ،التي قد يوهمنا الإعلام بأننا عقدتها، سبع مرات بالكأس.و منذ ذلك الحين و نحن نطارد اللقب كمن يطارد الساحرات و حتى المنتخب الفلتة الذي تأهل للدور الثاني لكأس العالم سنة 1986 عجز عن تحقيق الهدف في السنة ذاتها و أقصي في نصف النهائي أمام مصر ثم أقصي من الدور ذاته أمام الكامرون في الدورة الإفريقية الوحيدة التي نظمت بالمغرب سنة 1988 و اكتفى بالمركز الرابع بعد الهزيمة أمام الجزائر بالضربات الترجيحية حينها أضاع لاعب اسمه الغرف هشام ركلة جزاء معادة ثلاث مرات متتالية في نكتة كروية تشهد على التميز المغربي.
و للحقيقة لم يكن للمغرب أبدا باع طويل في كرة القدم على مستوى اللعب أو التنظيم أو التحكيم حيث شكل المرحوم ''بلقولة '' الاستثناء، أو على مستوى الإعلام أو ''العالم الرياضي'' الذي استطاع خلق تقاطب و إجماع على أننا الأفضل .. و الحقيقة البينة هي أننا لا نريد التسليم بأننا الآن في مستوى البنين أو الرأس الأخضر أو المالاوي...و في كل مرة نريد مقارعة الكبار نظهر بقامتنا القصيرة التي تعبر عن حقيقتنا و حين نهزم أمام فرق من نفس مستوانا يكون الحديث بجملة محفوظة عن ''مفاجأة من العيار الثقيل'' فتبدأ عملية تغيير المدربين بين محلي و أجنبي بأجور خيالية دون رقيب يحاسب المسئولين الحقيقيين عن الفشل.
الرياضة المغربية ،و كرة القدم خاصة ،هي تلك البقرة الحلوب التي يرضع من ثديها كثير من المستفيدين دون شرط أن تكون لهم علاقة مباشرة بالرياضة أو إسهام فيها.فالقطاع الرياضي معفى من الضرائب و الدولة تضخ أموالا كبيرة للفرق دون ملامسة لنتائج تتناسب مع حجم الإنفاق ورياضيون كثيرون يستفيدون من مأذونيات النقل ومن الأراضي الفلاحية المستقطعة رغم وضعهم المادي المريح دون أن نلمس إسهامهم في تطوير الرياضة و الاستثمار فيها . و مجرد مقارنة بسيطة بين لاعبينا واللاعبين الأفارقة مثل دروكبا و ايطو و كانوطي و قبلهم أبيدي بيلي توضح الفرق بيننا و بينهم و بين إحساسهم بالوطنية و إحساس بعض اللاعبين المغاربة بها.
ولأننا لا نملك فرق كروية وطنية في المستوى و لأننا لا نمتلك فريقا وطنيا يقدم متعة الفرجة و الفوز لكل عاشق لهذه الجلدة المسحورة فقد فاز نادي الريال مدريد لجزء من المغاربة بالكأس و البقية تنتظر أن ينتصر له فريق البارصا أو البايرن في استيلاب من نوع جديد نسميه الاستيلاب الرياضي '' كالك من قلت الوالي كنكول لليهودي خالي''
ملحوظة : تحدث الجميع عن ''فيضان'' الملعب لكننا لم نتحدث ولم نتذمر بنفس القدر على فيضانات كلميم و الجنوب الشرقي التي خلفت ضحايا في الأرواح. صدق أمبرتو إكو حين قال:''لو حدث ذات يوم أن شخصا استولى على ملعب لكرة القدم فعلاوة على ردود الأفعال مباشرة التي سيثيرها الحدث،فإن العالم كله سيعلن استنكاره. الكنيسة و الدولة و الصينيون و الفوضويون كلهم سينددون بالمجرم''