يعتبر الإحصاء من الأمور القديمة المعروفة لدى المجتمعات، حيث يحرص القادة والزعماء والملوك على إحصاء عدد الجنود والأسلحة لخوض الحروب واستعراض القوة، كما تحرص الجماعات على إحصاء عدد أفرادها من أجل معرفة قوتها وكثرتها، وقد وردت كلمة الإحصاء ومشتقاتها في القرآن الكريم إحدى عشرة مرة، منها قوله تعالى:
" وكل شيء أحصيناه كتابا "
"وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ"
"ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَى ِلمَا لَبِثُوا أَمَدًا"
"لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرةً إِلا أَحْصَاهَا"
"لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا"
و تجدر الإشارة إلى أن المتدبر لمعظم الآيات أعلاه يرى أهمية الإحصاء و قيمة البيانات الإحصائية. و كذلك تلفت هذه الآيات الانتباه إلى أن مهمة الإحصاء ليست بالمهمة اليسيرة، و خصوصاً في بعدي دقة البيانات و حجم المجتمع الإحصائي. فمن المعلوم أن النظرية الإحصائية تقوم على مبدأ استنباط صفات المجتمع الإحصائي من خلال عينة ممثلة لهذا المجتمع (والتي تسمى عند الإحصائيين عينة عشوائية). و هذا هو السبيل الوحيد في أغلب الحالات، و ذلك لأسباب معلومة مثل التكلفة، و العامل الزمني و حجم المجتمع. و من المعلوم أيضا أنّه لا يمكن بأي حال من الأحوال الوصول إلى الدقة المطلقة في استنتاجاتنا حول المجتمع من خلال العينة.
و إن كان عند البشر من استطاعة لدراسة بعض المجتمعات الإحصائية بشكل كامل (و الذي يسمى بالمسح الإحصائي) فهذا يتم في حالات محدودة جداً و تنقطع هذه الاستطاعة في حالات المجتمعات غير المحدودة أو غير المنتهية فسبحان الله المحصي الذي يتحدى خلقه بالدقة المطلقة في إحصاء ما لا يعدّ من المجتمعات والمخلوقات، كيف لا و هو رب العالمين.
كما وردت في السنة النبوية في مواضع متعددة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: "أحصوا لي كم يلفظ الإسلام" أخرجه مسلم. وفي القرن التاسع عشر طورت أساليب وأفكار إحصائية على يد مجموعة من العلماء منهم فرانسيس يزدر, أيدجورث، كارل بيرسون، جورج أودني بول، وآخرون.وفي القرن العشرين تطور علم الإحصاء وعزز من ذلك حاجة صناع القرار والقادة العسكريون في الحرب العالمية الثانية للخطط الإحصائية والمزيد من الأفكار الإحصائية.
في المغرب الإحصاء هو مجموعة من العمليات التي يتم بموجبها تجميع وتحليل ونشر المعطيات الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بمجموع السكان في تاريخ معين . وتعتبر نتائج هذه العملية الوطنية الركيزة الأساسية لكل المخططات التنموية على الصعيد الوطني والمحلي , ونلخص أهداف الإحصاء فيما يلي :
- تحديد عدد السكان القانونيين للبلاد
- استخراج المميزات الديمغرافية ,الاقتصادية ,الاجتماعية والظروف السكنية لساكنة المغرب
- تكوين قاعدة معطيات لإنجاز البحوث الإحصائية
يشمل الإحصاء جميع الأشخاص، كيفما كانت جنسيتهم، والأسر المتواجدين على التراب الوطني في 1 شتنبر 2014 أي بعيد منتصف ليلة 31 غشت إلى 1 شتنبر 2014 سواء كانوا مقيمين أو عابرين.
للإحصاء مجموعة من المفاهيم يجب معرفتها لفهم الإحصاء اكتر نذكر منها :
- السكان البلديون: هم الأشخاص المنتمين للأسر العادية أو الرحالة والأشخاص بدون مأوى.
- السكان المحسوبون على حدة: هم مجموع الأشخاص المضطــرين للعيش جماعيا نظرا لظروف العمل أو لأسباب صحية أو لأسباب أخرى. وسيتم إحصاؤهم في مؤسسات السكان المحسوبين على حدة.
- السكان العابرون: هم السكان الذين سيتم إحصاؤهم بالأسر كزائرين أو الأشخاص القاطنين بصفة مؤقتة في الفنادق وماشابهها.
- المقيم: يعتبر مقيما اعتياديا في مكان معين، كل شخص يقيم بهذا المكان لمدة 6 أشهر فما فوق أو له نية الإقامة به لمدة لا تقل عن 6 أشهر
- العابر: يعتبر عابرا كل شخص يقطن في إقامة غير إقامته الاعتيادية لمدة تقل عن 6 أشهر، وليست له نية الإقامة بها لمدة تعادل أو تفوق 6 أشهر.
- الأسرة: هي مجموعة من الأشخاص، سواء كانوا أقـرباء أم غير أقرباء، يقيمون بصفة اعتيادية في مسكن واحد أو جزء منه، وتكون لهم نفقات مشتركة. ويعتبر شخص يقيم وحده، إذا ما وجد، أسرة مكونة من فرد واحد
- رب الأسـرة : إن رب الأسرة بالنسبة للإحصاء، هو الفرد المقيم الذي يصرح به كذلك من طرف أعضائها، والذي يتمتع عادة بسلطة معنوية أو مادية
وفي الأخير فالإحصاء يلعب دوراً أساسياً في حياتنا اليومية بدءً من العد الأولي إلى رسم السياسات واتخاذ القرارات وعنصر أساسي لقياس مدي إمكانية وصول الدولة إلي تحقيق الأهداف الإنمائية الخاصة بها.