لعل الحرب الفلسطينية الإسرائيلية تعد من أطول الحروب والصراعات الدولية , تعود قضية فلسطين الى نهاية القرن 19 حيث وضع مؤتمر "بال" (29-31/غشت/1897)، الحجر الأساس، لتكوين الكيان الصهيوني بفلسطين , حضره ممثلو اليهود من 15 دولة، بزعامة تيودور هيرتزل. وفي هذا المؤتمر تم تقرير تأسيس وطن يهودي بفلسطين يدعمه و يتعرف به المجتمع الدولي. و لتحقيق هذا القرار تم تشجيع اليهود على الهجرة لفلسطين لتأسيس وطنهم هناك حسب خرافة أرض الميعاد.
استغل كبار البرجوازية الصهيونية الأطماع الامبريالية البريطانية في المشرق العربي، فأقنعوا ممثليها بالأهمية الإستراتيجية و الاقتصادية لأرض فلسطين. و طالبوهم بضرورة تكوين قاعدة يهودية استيطانية في فلسطين لتسهيل استغلال بريطانيا لها. و بالفعل استطاع الصهاينة، انتزاع وعد (وعد بلفور سنة 2/نونبر/1917) بتكوين وطن لهم في فلسطين بمباركة الدول العظمى، ومباركة من عصبة الأمم بمقتضى صك الانتداب (24/يوليوز/1922)الذي يضمن للصهاينة حق استيطان فلسطين.
و بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية، و عقد مؤتمر "سيفر" و "سان ريمو"، طبقت بريطانيا انتدابها على فلسطين لمدة28 عاما من يوليو 1920 إلى مايو 1948. و قبل انتهاء الانتداب البريطاني لفلسطين بـ 8 ساعات،تم تنفيذ و عد بلفور،بمباركة الأمم المتحدة و الدول العظمى، و تكوين وطن للصهاينة على حساب الفلسطينيين.
ومن بين أشكال و أساليب المقاومة الفلسطينية لتمركز الصهيوني نذكر :
- المقاومة السلمية السياسية (1917-1928): تزعمتها جمعيات مدنية و لجان عربية متألفة من فلسطينيين مسلمين و مسيحيين، هدفهم توعية المواطنين عبر الصحف و المساجد و الكنائس و المظاهرات... بخطورة الهجرة اليهودية، و بخطورة بيع الأراضي لليهود و أعوانهم.
- المقاومة المسلحة (1929-1948): تزعمتها التنظيمات الفلسطينية المسلحة بزعامة أبطالها،(الحاج محمد أمين الحسيني وعز الدين القسام...) ضد الصهاينة. و من أشهرها ثورة البراق (الجمة 28/غشت/1929). وقد توالت الثورات الفلسطينية المسلحة ضد الصهاينة لغاية الحرب العالمية الثانية. كما أن المقاومة المسلحة أشهرت سلاحها كذلك ضد الانتداب البريطاني، و التي كانت أشرس معاركها معركة حياة أو موت سنة 1947م التي كان سببها خطة تقسيم فلسطين القاضية بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى 3 كيانات جديدة، كالتالي:
* دولة عربية : وتقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوبا حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر.
* دولة يهودية : على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب بما في ذلك أم الرشراش أو ما يعرف بإيلات حاليا.
* القدس وبيت لحم والاراضي المجاورة، تحت وصاية دولية..
أمام هذا الوضع استغل الصهاينة مسألة اضطهاد الأوربيين لهم، ليسوقوا لفكرة تكوين وطنهم بأرض الميعاد فلسطين، التي ساندتهم فيها القوى العظمى و على رأسها بريطانيا. لكن الفلسطينيين أمام الضعف العربي، لم يجدوا بدا من مواجهة الصهاينة لوحدهم حاملين قضيتهم بين أيديهم، على أمل التحرر و الاستقلال.
وفي 15 ماي 1948 أعلن الصهاينة عن قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين وهو ما يعرف بنكبة 1948, شنت إسرائيل حربا استولت بعدها على %77.4 من الأراضي الفلسطينية وقامت العصابات الصهيونية بإرهاب وطرد السكان الفلسطينيين من قراهم وارتكبت مذابح شنيعة مثل مذبحة دير ياسين.
تصدت لهذه السياسة العدوانية مقاومات شعبية اعتمدت على أسلحة خفيفة أمام التفوق العسكري لقوات الاحتلال,وفي سنة 1964 تأسست منظمة التحرير الفلسطينية. استهدفت تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948, انضمت إليها سنة 1968 المنظمات الفدائية الفلسطينية وفي مقدمتها حركة فتح. في سنة 1969 أصبح ياسر عرفات رئيسا للمنظمة. في سنة 1974 اعترفت بها الحكومات العربية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، وقبلت كعضو ملاحظ بالأمم المتحدة. اعتمدت المنظمة الكفاح المسلح طريقا وحيدا للتحرير. وتعتبر معركة الكرامة (21 مارس 1968) أبرز مظاهر المواجهة مع الاحتلال , وفي سنة 1987 أعلن أحمد ياسين عن تأسيس حركة حماس , حيث اجتمع سبعة من كوادر وكبار قادة جماعة الإخوان المسلمين العاملين في الساحة الفلسطينية، وكان هذا الاجتماع إيذانًا بانطلاق حركة حماس وبداية الشرارة الأولى للعمل الجماهيري ضد الاحتلال الذي أخذ مراحل متطورة, قامت حماس بدور أساسي في انتفاضة الأقصى التي بدأت في سبتمبر 2000 كما كانت مشاركة في الانتفاضة الأولى في عام 1987.
في مطلع 2006تم تنظيم ثاني انتخابات تشريعية فلسطينية، وهي أول انتخابات تشارك فيها حماس التي حققت مفاجأة بحصد أغلبية المقاعد في المجلس التشريعي، ليسارع القيادي في حركة فتح محمد دحلان إلى التصريح بأنه من العار على فتح المشاركة في حكومة تقودها حماس، في حين دعا الرئيس محمود عباس الحكومة القادمة إلى الالتزام باتفاقات منظمة التحرير ونهج السلام,هذا الوضع أدى الى نشوء سلطتين سياسيتين وتنفيذيتين في صيف عام 2007م في الضفة الغربية وقطاع غزة، إحداهما تحت سيطرة حركة فتح في الضفة الغربية والأخرى تحت سيطرة حركة حماس في قطاع غزة .
في ضل هذا الوضع اصبح الصراع بين اسرائيل وقطاع غزة وذلك بذريعة استمرار إطلاق الفصائل الفلسطينية للصواريخ العشوائية واستمرار استهدافهم للمدنيين الإسرائيليين وقامت إسرائيل بتوزيع رسالة على أعضاء مجلس الأمن الدولي يوم 23 ديسمبر 2008 تشير فيها إلى حقها في الدفاع عن نفسها وفقا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة لمواجهة الصواريخ التي تطلق عليها من القطاع وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت في عددها الصادر في 26 ديسمبر 2008 بأن وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني قامت بالتحدث مع قادة وممثلين عن الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وحتى بعض الدول العربية، لشرح موقف إسرائيل من العملية التي ينوي تنفيذها وللحصول على موافقتهم على البدء بالهجوم على الرغم من أن ليفني قد نفت أن تكون أخذت إذناً أو أبلغت مسبقاً أية دولة عربية بما فيها الحكومة المصرية بنيتها مهاجمة غزة .
بدأ الهجوم الجوي يوم السبت 27 ديسمبر 2008 باستعمال الطائرات الحربية, إستهدفت العملية العسكرية كل المقار الأمنية في قطاع غزة والمقار التابعة لحركة حماس وأدى القصف إلى استشهاد أكثر من مائة من قوات الشرطة والأمن الفلسطينية , وكانت حصيلة قتلى هذه العملية من المدنين ما لا يقل عن 1200 شهيد توزعوا كالتالي: 437 طفل أعمارهم أقل من 16 عاماً، و 110 من النساء، و 123 من كبار السن، و 14 من الطواقم الطبية، و 4 صحفيين.
وفي يوم 3 يناير 2009 بدأ الهجوم البري على قطاع غزة بأعداد كبيرة من الجنود الإسرائيليين. بدأ الاجتياح البري العسكري الإسرائيلي على القطاع، وذلك بقرار من المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر خلال جلسة سرية عقدها بمشاركة قوات من أسلحة المشاة والمدفعية والهندسة ووحدات خاصة بوارج ودبابات ومدفعية شاركت الطيران في إغراق القطاع بالصواريخ والقذائف، ارتكب من خلالها الجيش الإسرائيلي مجازر إحداها في مسجد إبراهيم أوقعت 16 قتيلا بينهم 4 أطفال و60 جريحاً.
وفي سنة 2012 شن الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية في قطاع غزة ، أطلق عليها الجيش الإسرائيلي عامود السحاب قصفت الطائرات الإسرائيلية مباني تابعة لحكومة حركة المقاومة الإسلامي حماس ومن بينها مبنى يضم مكتب رئيس الوزراء.
وفي 12 يونيو 2014 خطف ثلاثة مستوطنين في الخليل وبدأ الجيش الإسرائيلي عقبها حملة عسكرية وفي 30 يونيو عثر على جثث المستوطنين الثلاثة ، وأعقب ذلك مطالبات إسرائيلية بالانتقام من العرب وهو ما أدى إلى خطف وتعذيب وحرق الطفل محمد أبو خضير من مخيم شعفاط ].والذي اعقبه احتجاجات واسعة النطاق وخصوصاً في مناطق عرب 48 وكذلك إطلاق صواريخ من قطاع غزة على المستوطنات والمدن الإسرائيلية وقصف إسرائيلي على القطاع .
لكن لأول مرة تمكنت صواريخ المقاومة الفلسطينية من الوصول إلى تل ابيب بواسطة صاروخ فجر 5 أطلقته سرايا القدس، وقالت إسرائيل أن القبة الحديدية اعترضت الصاروخين و قصفت كتائب القسام مدينة حيفا الواقعة شمال تل أبيب لأول مرة أيضا بصاروخ "ار 160 " .
وفي الاخير يمكننا القول انه لا مجال للمقارنة بين بين قوة إسرائيل العسكرية ، وقوة المقاومة الفلسطينية التي تعتمد على قدراتها الذاتية ، ولا مجال للمقارنة بين صواريخ إسرائيل المتطورة ، وبين صواريخ المقاومة العادية .
إنها حرب غير متكافئ فلماذا هذه التضحية بالأبرياء ؟
كم يمكننا أن نقدم من الشهداء حتى تتحرر فلسطين ؟
لماذا القصف موجه فقط إلى قطاع غزة فقط ؟
ما السبب وراء هذا الصمت العربي ؟