بعد اطلاعي على مواضيع الامتحان الجهوي في مادة الاجتماعيات بجهة سوس ماسة درعة للمستوى الثالثة إعدادي, استغربت لفداحة الأخطاء التي ارتكبت فيها,مما دفعني إلى التساؤل هل المفتشون المشرفون على وضع هذه الامتحانات على دراية بهذه الأخطاء؟ كيف تم تمرير هذه الأخطاء الفادحة؟من المسؤول عنها؟ .
يمكن القول أن هذه الأخطاء تتعلق في عمومها بالشكل,مما يجعلها - منذ الوهلة الأولى - محيرة و مربكة للمتعلم الممتحن حتى و قبل دخوله إلى "لب الامتحان", وهذا ما يضعه في وضعية نفسية حرجة.
و عموما يمكن تلخيص هذه الأخطاء فيما يلي:
1- أخطاء متعلقة بنوع الأسئلة المطروحة في كل مكون.
*ورد في الموضوع الأول ما يلي : الاشتغال على الوثائق في مادة التاريخ (7نقط) , في حين أن الأمر كان يتعلق بمكون الجغرافيا و الوثائق 1 ,2 ,3 وثائق جغرافية و ليست تاريخية.
فالصحيح إذن هو:الاشتغال على الوثائق في مكون الجغرافيا (7نقط) .
*جاء في الموضوع الثاني ما يلي : موضوع مقالي في مادة التاريخ (7نقط), والواقع أن الأمر يتعلق بمكون التربية على المواطنة و ليس بمكون التاريخ, وبالتالي فالصائب هو: موضوع مقالي في مكون التربية على المواطنة(7نقط).
هنا لا بد من الإشارة إلى أن واضعي الامتحان أو المشرفين عليه مازالوا يتعاملون مع مكونات مادة الاجتماعيات كمواد مستقلة بذاتها و يتجلى ذلك في استعمالهم لكلمة"مادة"عوض كلمة "مكون".
2- أخطاء تقنية و ديداكتيكية.
*التوظيف المبالغ فيه للوثائق و حشوها بمعلومات لا فائدة منها:
نسجل في هذا الصدد أن هناك توظيفا مبالغا فيه للوثائق التي لا فائدة منها بالنسبة للممتحن, بل إن نتيجتها ستكون عكسية, حيث إن الإكثار منها يسبب له الازعاج و الحيرة و الضغط النفسي, خاصة و أنه ملزم بإنجاز الامتحان في حيز زمني لا يتعدى الساعة و 15 دقيقة, و لمفتشينا و واضعي الامتحانات -هنا- أن يتخيلوا كم من الوقت يلزم تلميذا في مستوى الثالثة إعدادي لقراءة هذا الكم من الوثائق, فما بالك بتحليلها و الإجابة عن الأسئلة المتعلق بها و رسم المبيان...كما لهم أن يتصوروا شعور تلميذ و هو يتسلم ثلاث أوراق كلها مليئة عن آخرها, و هو الذي آلف ورود مواضيع امتحانات المراقبة المستمرة في ورقة واحدة! .
و يكفي كمثال على ذلك, الوثيقة 1 في الموضوع المتعلق بمكون الجغرافيا و هي عبارة عن "جدول لمؤشرات حول أهم المنتجات الزراعية بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 2012",لنسجل مدى الحشو و "الازدحام" الذي لا معنى له,حيث تم إيراد مؤشرات لا تفيد التلميذ في شيء, و عليه فقد كان كافيا أن يكون الجدول مكونا من ثلاث خانات عوض ست و حاملا لما يلي:
-أهم المنتجات(الذرة, الصوجا, القمح, القطن)
-المؤشرات(الرتبة عالميا من حيث الإنتاج, % من الصادرات العالمية) دون إرباك التلميذ بالإنتاج بمليون طن و النسبة المئوية من الإنتاج العالمي و الرتبة العالمية من حيث الصادرات الفلاحية.
نجد كذلك أن الوثيقتين المتعلقتين بموضوع مكون التربية على المواطنة, هما وثيقتين(زايد ناقص), فقد كان الأصح طرح الموضوع المقالي مباشرة بهذا الشكل:
"تنقسم المشكلات البيئية إلى مشكلات ذات بعد وطني و أخرى ذات بعد دولي",اكتب موضوعا مقاليا من مقدمة و عرض و خاتمة تتحدث فيه عن بعض هذه المشكلات مقترحا حلولا للحفاظ على الموارد المائية و الغابوية(في حدود 15 سطرا).
*مطالبة التلاميذ بإعادة نقل الجداول إلى و رقة التحرير:
في الموضوع المتعلق بالتاريخ طولب من التلاميذ نقل جميع الجداول إلى ورقة التحرير, مما يعني أن الممتحنين سيهدرون زمنا لا بأس به في إعادة رسم الجداول و تعبئتها, و قد كان من الأجدر مطالبتهم بنقل الجواب الصحيح فقط, أو استعمال الأرقام, حيث يكون السؤال كالتالي:
"انقل من بين الاقتراحات التالية الجواب الصحيح إلى ورقة تحريرك"
أو ضع رقم الجواب الصحيح أمام الرقم المتعلق بكل سؤال.
*عدم تكييف مواضيع الامتحان مع المدة الزمنية المخصصة للإنجاز:
الإكثار من الوثائق و إعادة رسم الجداول و المعلومات التي تحتويها ينتج عنه تشتيت تركيز الممتحن و بالتالي ضياع وقت كبير في قراءة هذه الوثائق و فهمها و الإجابة عن أسئلتها,وهذا ما عيناه بالفعل, إذ اشتكى التلاميذ من ضيق الوقت, في حين أن "الاستعمال" غير السليم للوثائق هو الذي سبب في هدر الكثير من الوقت لهؤلاء التلاميذ.
فلنفترض مثلا أن أسرع تلميذ من حيث القراءة و الفهم و الاستعياب قد تمكن من قراءة جميع الوثائق و الأسئلة و استوعب المطلوب في ظرف 15 دقيقة,ثم أنجز المبيان في 20 دقيقة و أجاب عن أسئلة الجغرافيا في 15 دقائق,و كتب الموضوع المقالي في 15 دقيقة, فهل تكفيه 10 دقائق المتبقية للإجابة عن أسئلة التاريخ ثم مراجعة ورقته قبل تسليمها؟(هذا دون احتساب زمن توزيع الأوراق و كتابة الاسم و الرقم),و إذا كان هذا هو حال "أسرع تلميذ", فكيف سيكون الأمر بالنسبة لتلميذ يحتاج إلى وقت كبير لقراءة الوثائق و فهمها و إدراك المطلوب منه, ثم إنه بطيء من حيث الكتابة؟ !!.
يتضح من كل ما تقدم أن وضع امتحانات مادة الاجتماعيات يجب أن يخضع لمراقبة صارمة و مراجعة دقيقة قبل وصولها إلى يد الممتحن, بعيدا عن الارتجالية و العبثية, و إلا فإن هذه المادة ستصبح مملة و منفرة.