في بادرة طيبة للقناة الثانية، دأبت إدارة القناة على تنظيم مسابقة أدبية كل سنة تشجيعا للثقافة والتأليف بشكل عام، وتحفيزا للمواهب الشابة بشكل خاص. مسابقة تهم أنماطا أدبية متنوعة وباللغات الأمازيغية، العربية والفرنسية. خطوة لا يمكن أن ينفي أهميتها ونبلها إلا جاحد أو جاهل.
سنتناول في هذا المقام الجوائز التي تقدم في صنف الكتابة باللغة الأمازيغية، ليس بمنطق النقد من أجل النقد، ولا من باب الحسابات المرضية وليس من الانتصار "للذات". تناول يتقاسم رغبته معنا الكثير ممن لم تسعفهم المناسبة للخوض فيه، والذي نتمنى أن يكون رسالة تصل إلى آذان كل القيمين على هذه المبادرة المحمودة.
يلاحظ من خلال متابعة حفل الإعلان على الفائزين، أن عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يحتكر وبشكل تام شرف الإعلان عن العمل الفائز، على عكس الإبداع باللغتين الأخريين حيث تتناوب وجوه النقاد على الإشراف على العملية وهم نخبة من القصاصين والروائيين والشعراء المعروفين في الساحة الوطنية. حسب علمنا، فأستاذنا متخصص في العمل اللساني، ولا يمكن بأية حال من الأحوال أن تكون المؤسسة التي يسهر على تسييرها مفتقرة إلى متخصصين في الشأن الأدبي، شعرا ونثرا، قد تفوق معرفتهم معرفة أستاذنا الجليل. لا يخفى الترابط القائم بين الدرس اللساني والقيمة الأدبية للعمل الفني، إلا أن تغييب المتخصصين في الأدب في هذه المناسبة يطرح أكثر من سؤال.
حبذا لو نسمع من أستاذنا الجليل في كلماته إلى الفائزين نقدا يكون عبارة عن توجيهات ونصائح وملاحظات تبين تمكنه من آليات النقد الأدبي أو على الأقل اطلاعه على العمل الأدبي، بدل الاكتفاء بعبارات مفرغة وعموميات لا تقنع صاحب العمل المنافس ولن تنفع صاحب العمل المتوج بشيء.
ربطنا الاتصال بباحثين في المعهد لأخذ رأيهم في إحساسنا فعبر(ت) أحدهم/إحداهن عن امتعاظه(ها) من الطريقة التي يتم بها "انتداب" لجنة التحكيم، وندد(ت) هذا(ه) الباحث(ة) باحتكار جهات لم يـ(ت)كشف عنها لمسؤوليات ليس من صميم اختصاصها، وأضاف(ت) أنه لا يمكن الحديث عن الموضوعية أو النزاهة في الحكم على الأعمال، مثيرا/مثيرة إحجام شباب الشمال والوسط على المشاركة مقابل مشاركات محتشمة العدد لشباب الجنوب الشرقي وغزارة مشاركة شباب الجنوب. والموقف نفسه أكده أكثر من باحث(ة) من داخل هذه المؤسسة.
أما أحد المشاركين المؤهلين إلى الدور النهائي لأكثر من مرة، فقد أقسم على تطليق المسابقة الأدبية بالثلاث، بالنظر إلى ما يسميه تجاربه المريرة مع هذه المسابقة التي تغيب الكفاءة في مقابل النزوة والذاتية، المتحدث أثار كما غيره مسألة الانتصار للجهوية وأكد على مبدأ الاختصاص كشرط أساسي لإنجاح المبادرة التي يقول إن هناك من يستغلها لأشياء أخرى. وهو الذي سبق له أن طلب من إدارة القناة الثانية الساهرة على هذا البرنامج تطويره ليكون في أحسن صورة ويتمثل اقتراحه المقدم في "اختيار لجنة الانتقاء لعينة أولية من المشاركين الذين يتوفرون على ملكة الكتابة (la technicité de l’écriture) في الأجناس الأدبية باللغات الثلاث في حدود العشرة أو دون ذلك، ثم يعهدون إلى لجنة من الكتاب والنقاد المتخصصين يتولون إكسابهم عددا من أوليات وتقنيات الكتابة على مدى كل أسبوع ليختتم ذلك بإنتاج نص أدبي وفق ما تم تعلمه ليعرض أمام لجنة تحكيم أخرى - مع إشراك الجمهور في تقييم الأعمال عبر بعث رسائل أو تلقي مكالمات ترجح الأعمال المتفوقة – تتولى نقد الأعمال واختيار الأجدر بتحديد نواقص كل عمل ومكامن قوته كما يحدث في مسابقة التجويد أو الغناء أو صنعة بلادي، وهكذا تتوالى الأسابيع إلى أن يتم في النهاية اختيار الأفضل فيعن فائزا ويطبع عمله، إذ أن من شأن هذا أن يضفي الشفافية على المسابقة وإكساب المشاركين تقنيات الكتابة بشكل أعمق والاستفادة من تجارب كتاب سابقين متمرسين، كما سيدر ذلك على القناة مداخيل مالية من خلال إشراك الجمهور وإعطائه فرصة التفاعل مع البرنامج" .
لقد آن الأوان أن يراجع عميد المعهد الملكي أوراقه في تناوله وتعاطيه مع المسابقة الأدبية للقناة الثانية بشكل يغلب مصلحة الأدب الأمازيغي ومستقبل اللغة الأمازيغية التي لا نشكك في غيرة أستاذنا عليهما، من جهة أخرى، يتعين على إدارة القناة الثانية أن تناشد عمادة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية لإشراك أهل الإختصاص في لجان التحكيم درءا لكل تأويل أو تشكيك في موضوعية من ينتدبون للحسم في النتائج النهائية.