فنجانُ قهوةٍ

و ضوءُ شمعة..

أسبحُ في فنجاني

يتلقَّفُني سوادُهُ

كليلٍ هاجِرُهُ القمرْ،

أغوصُ في بُعدٍ سَحيقٍ

في عُمقٍ بلا قرارٍ

أبحثُ عن بقايا ذاكرةٍ

إلى نفسي تُعيدُني

إلى موقعي من واقعي

فأجدُ دوامةً تَبلعُني

و ذَاتٌ في النسيانِ تُغرِقُني ...

فنجانُ قهوةٍ

و بياضُ ورقة ..

أُخربِشُ رسمًا

أَخُطُّ كلامًا

أبحثُ عنكَ، عن حِسِّكَ

في ثنايا خاطرةٍ لم تُقالْ

في رسمٍ وراءَ الظِّلالْ

فتستحيلُ عَلَيَّ

و أهيمُ في البياضِ

دقيقةً .. خمسة .. عشرين

كالدَّهرِ مرَّتْ عَلَيَّ.

أستفيقُ و بسمتي على شَفَتَيَّ

أسخرُ من نفسي

و من طَيْفٍ جَنى عَلَيَّ.

أحتسي قهوتي،

أُديرُ صفحتي

و اُفُقي أملٌ يملأُ عَينَيَّ ...

فنجانُ قهوةٍ

و خبرُ ثَورة ..

عالمٌ يصحو على " إرحلْ ".

بركانُ القمعِ اليومَ انفجرْ.

نساءٌ في الشوارعِ منتفضاتٌ

و على مملكةِ الرجالِ ثائراتْ،

شبابٌ غريبُ الدِّيارِ

صاحَ : " هذا عيبٌ .. هذا عارْ "،

حشودٌ و هتافٌ

عنفٌ و تكميمُ أفواهْ

إعلامُ العارِ يَعوي

و مناصبُ من فوقُ تهوي

و مُنادٍ في الأبواقِ ينادي

" فُضُّوا الجموعَ يا شبابْ

فنحنُ على الخارطةِ .. اِستثناءْ " ! 

فنجانُ قهوةٍ

و بطاقةُ دعوة ..

إلى متاهةِ الضياعِ تشيرُ لي ..

أرفضُ الإنصياعَ لضعفي

تَمَرُّدي في وجهِ فِنجاني أُشْهِرُهُ

أُكسِّرُهُ.

ورقي تلطَّخَ بياضهُ

(و كم عشِقتُ بياضًا حَباني صفاؤهُ)

سوادٌ بدا كدمي يتقطَّرُ

و شجنٌ بداخلي لذاتي يعتصِرُ.

هل صارَ زمني، في فنجانٍ مُختصرُ؟

ما أخْيَبَني

و ما أخْيَبَ من كان مثلي بَشرُ!

...      

فناجينُ قهوةٍ هيَ

مُرَّةً شربتُها

اِنتشَيْتُ بِمُرٍّها

و واقِعُ حالي أَمَرُّ.

فناجينٌ يتيمةٌ رافقتني

سيجارةً تَبغي و دُخَّانَا،

ما عَلِمَتْ أنها عِشقي

تحتَ جِلدي صارتْ إدمانَا! ..

هل السيجارةُ وَلَعي لها تُطفئُ؟

أم تَزيدُني وَلَهًا و غَيْرَتي تُشْعلُ؟

أُحاديَةُ الهوى أنا

لا شريكٌ، لا منافِسُ.

ليتَ فناجيني لِبَوحي تفهمُ

أو لَيتَ فُؤادي من عشقها .. يَسْأمُ.