لقد كنت دائما أعتقد أن من أسباب تخلفنا ، و إلى جانب الأسباب المعروفة ، من قبيل غياب الديمقراطية و السياسات اللاشعبية المتبعة ببلادنا منذ عقود ، هناك ما أسميه ب "الأشياء البسيطة " و التي لا أعتقد أنها كذلك ، بل هي في حقيقة الأمر قضايا جد هامة ، و استهانتنا بها جعلتها في نظرنا " بسيطة " ، من قبيل عدم احترام الوقت ، و عدم احترام الالتزامات ، و عدم احترام الرأي الآخر ، و عدم احترام القوانين - كل القوانين - و اللامبالاة ، و غير ذلك كثير .
و اليوم سأتحدث عن قضيتين نعتبرهما بسيطتين ، و لكن من وجهة نطري ليستا كذلك ، و هما يهمان العديد من المسؤولين الحزبيين و النقابيين و الجمعويين و غيرهما ، و ألخصهما فيما يلي :
القضية الأولى: هي قيام هؤلاء المسؤولين بإغلاق هواتفهم لعدة أيام ، و في الغالب بمناسبة عطلة نهاية الأسبوع ، علما أن هذه المسؤولية ، التي قبلوا تحملها عن طواعية و اختيار ، تلزمهم بالإبقاء على الاتصال و التواصل مع الآخرين . و الأخطر من ذلك هو عندما يكون هذا المسؤول ملتزما بموعد أو اجتماع و يقفل هانفه و لا يكلف نفسه حتى كلمة اعتذار ، علما أن عدم التزامه هذا غالبا ما يخلق ارتباكا للآخرين .
القضية الثانية: فتتعلق بأهم شرط من شروط التواصل فيما بيننا كمواطنين ، قبل أن نكون مسؤولين ، و هي ضرورة التفاعل فيما بيننا . و المثال الذي أسوقه هنا يتعلق مثلا بأن يطلب منك شخص ما معلومة أو وثائق فترسلها له عبر بريده الإلكتروني أو عبر هاتفه و لا يكلف نفسه حتى عناء إرسال جواب يؤكد فيه توصله بما طلب منك ، فتضطر أنت مرة أخرى للاتصال به للتأكد من الأمر .
سؤال : هل مثل هذه القضايا بسيطة ؟ أنا شخصيا لا أعتقد ذلك ، و أكرر مرة أخرى أنه لكي نحقق التغيير المنشود الذي نطمح إلى تحقيقه لفائدة مصلحة شعبنا بكافة فئاته لا بد من أن نبدأ بتغيير أنفسنا ، و تلك بداية الطريق الصحيح