بعد سنتين تقريبا سنحتفل باستقلال بلادنا الذي كان سنة 1956 ، و مع ذلك فما زلنا نتحدث كثيرا و نعمل قليلا . ما زلنا نجتر نفس الكلام تقريبا عن الديمقراطية و حقوق الإنسان ، و ما زلنا نؤلف المسلسلات ( المسلسل الديمقراطي على سبيل المثال ) التي يشارك فيها العديد من السياسيين و المثقفين و غيرهم .
أنا لا أنكر ما تم إنجازه منذ استقلال بلادنا إلى اليوم على مستوى البنيات التحتية: طرق ، موانيء ، سدود ، مطارات ... و لكن ما قيمة كل ذلك إذا لم نبن الإنسان ، العمود الفقري لكل تنمية و لكل حضارة .
ستون عاما تقريبا و نحن نتحدث عن الديمقراطية و عن حقوق الإنسان ، و مع ذلك ما زال الحديث مستمرا - حد الملل - في صحافتنا و في قنواتنا التلفزية و إذاعاتنا ، و ما زلنا نسمع نفس الآراء تقريبا ، و ما زال المسلسل مستمرا لا ندرى متى سنصل إلى حلقته الأخيرة ، و نلج ، فعلا لا كلاما ، طريقا جديدا ، طريق الديمقراطية و احترام حقوق و كرامة المواطن المغربي الذي لم يعد يثق في الوعود و الخطابات التي يجترها المسؤولون و بعض السياسيين صباح مساء .
لن أطيل ، فقط أقول كفانا كلاما و وعودا و تحليلا ، فالوضع اليوم ، وطنيا و عربيا و دوليا ، لم يعد يسمح بذلك ، ولنشرع من الآن في العمل على تلبية طموحات شعبنا في الديمقراطية و العيش الكريم ، خاصة و أننا لا نفتقر إلى القوانين و البرامج و الدراسات - و ما أكثرها - التي تهم كل مجالات حياتنا ، كالتعليم و الصحة و السكن و الفلاحة و غيرها ، و التي ساهم في إنجازها نخبة من خيرة الأطر المغربية ، و هي ترقد منذ سنين في الرفوف يلفها النسيان ، تماما كما أحلامنا و طموحاتنا ، التي يلفها هي الأخرى التجاهل .