مولود بوفلجة - جديد انفو

أصبحت زيادة ساعة في المغرب حديث الساعة،بين مبررات الدولة التي لا تكاد تصدقها هي ذاتها،وبين المقاومة الشعبية لأي تغيير آت من الفوق دون أن يُدرك له سبب أو مغزى معلوم.ففي سياق تبريراتها للأمر تعزف الحكومة على نغمتها الرتيبة وتعيد أسطوانة تقليص استهلاك الطاقة و تعزيز التنافسية الاقتصادية مع الشركاء في أوروبا.والحقيقة الواضحة للعيان هي أن فئة عريضة من المغاربة تبقى وفية ملتزمة بالتوقيت الشمسي المتناغم مع الطبيعة غير أبهة بساعة المخزن و لا بتوفير طاقته المزعوم و لا بتنمية اقتصاده.

فساكنة العالم القروي و المهنيون و المشتغلون في الفلاحة و البناء يعتبرون أنفسهم غير معنيين بزيادة ساعة أو نقصانها فلا يكلفون أنفسهم تحريك عقارب ساعتهم و يتشبثون بالساعة القديمة في نومهم و يقظتهم و مواقيت عملهم ووجباتهم الغذائية ولهذا الرفض مسببات عميقة تخفي البساطة الظاهرية،فهده الطبقة من المغاربة تجد نفسها خارج سياق دولة المؤسسات لا تربطها بها صلة وثيقة فهم لا يركبون قطاراتها ولا يحلقون في طائراتها ولا يستفيدون إلا لماما من خدماتها العمومية فتبقى هذه الفئة منسجمة مع زمنها الخاص و مواعيدها الخاصة غير المحددة بدقة "الصْباح-العْشية-غْدا-الظهر-العصر-بعد العشا" لذا فاللازمة المعادة بيننا في هذه الأيام هي "واش الساعة القديمة أو لا الجديدة"

زيادة ساعة إلى التوقيت العادي في أواخر شهر مارس الذي يصادف فصل الربيع تصبح نقمة و معاناة إضافية لدى ساكنة المناطق الحارة فربيعهم صيف و صيفهم نار حامية،فيصبح الموظف الملتزم مضطرا لقضاء ساعات الذروة الحرارية في مقر العمل ويجد آخرون حجة لعدم العودة إلى العمل في الفترة المسائية أما التلاميذ و مدرسيهم فيغادرون قاعات الدرس في الفترة الصباحية في عز الحر و يعودون إليها و الشمس تكوي الجباه ويخرجون مساء وهي لازالت متربعة في كبد السماء ليجدوا أنفسهم أمام مساء ممتد ينتظرون ليلا لا تثنيهم الساعة المضافة عن سهره فيستفيقون ثقال الأجسام و يكثر الغياب ويهدر الزمن المدرسي وتقل المردودية و الاستجابة و التركيز خصوصا في الحصة الصباحية الأولى.

إن الإنسان المغربي قد تطبع مع الهذر الزمني و أحاطه بمجوعة من الأمثال و الحكم الشعبية من قبيل "اللي زربوا ماتوا' "لا زربة على صلاح" 'زرب تتعطل" "رخاها الله"....

ففي الزمن المغربي تتحول خمس دقائق إلى ساعات و تنطلق الاجتماعات الرسمية متأخرة ساعة أو ساعتين و يتخلف الدخول المدرسي أسابيع عن موعده و يتأخر انجاز المشاريع إن أنجزت سنوات و سنوات و تتأجل الامتحانات و المباريات الرياضية و لا يحضر الموظفون إلى مقرات عملهم إلا ساعة أو أكثر بعد الوقت القانوني و تفرغ المكاتب منهم قبل وقت الخروج الرسمي و تضاء المصابيح ليلا و نهارا و تتحرك سيارات الدولة لقضاء المصالح الشخصية و يحدثونك عن التدبير الطاقي..

ففي الزمن المغربي قد ينام الشخص نصف يومه كاملا فيضيع نصف عمره متمددا يبني المستقبل قي أحلامه و منا من قضى الأعوام متسمرا على كرسيه في المقهى يتحدث في الرياضة و يلعن السياسة ويحلل و ينظر و كثير من شبابنا يقضي ساعات طوال في خلوته الالكترونية مع حاسوبه يجوب به العوالم و كثير من شيوخنا يجترون أيامهم أمام أبواب المسجد أو في لعب الضاما و الكارطا و كثير من النساء تصرفن الساعات الطوال أمام التلفاز..

تمر علينا التجارب و السياسات و المخططات و المشاريع و تتناوبت علينا الحكومات و و الحال هو الحالو زمننا جامد لا يتحرك،نبدد الزمن المتدفق و نستعجل نهايتنا و نبذر الزمن بلا طائل و لا فائدة و لأننا على هده الشاكلة فالأمر سواء زد ساعة أو زد شهرا أو سنة فلن يتغير من واقع الأمر شيء.