زايد جرو _الرشيدية /جديد انفو

بمدخل باب إغرم أو القصر بالجنوب الشرقي في فصل الشتاء تستوقف ذاكرة الذين شبوا بهذه الاماكن الهاربة في الزمن مواقف اجتماعية تكاد تكون ظواهر ممتدة ومشتركة ؛عبر المكان والزمان والمخيال وهي - لفكيرة - بثلاث نقط فوق الكاف 'LAFGUIRA ' او ‘تاكات ‘أو ‘ تالفكيرت ‘ باللغة الامازيغية التي قد تعني اللمة حسب بعض المناطق : هي إشعال النار ليلا بباب القصر من الداخل بخطوات بعد عشاء الناس بالبيوت حيث يتفرق جمع الأسرة ويتلصص الشباب خلسة للقاء أصدقائهم بمدخل القصر حيث يجمعهم دفء النار وهم بشكل دائري وعلى لسانهم حكايات البلدة المثيرة حدثا او حديثا أو طرائف تثير الضحك و الاستغراب حفرت لنفسها أخدودا في مخيلة اهالي البلدة ، فخرجت من الإطار الجغرافي المعهود إلى الإطار المخيلي الذي لا يستطيع أحد أن يمسحه أو يمسخه فتتطاير أصوات الضحك من هنا وهناك على خبر فيه غفلة او تنمر .د

وقد يحضر الحدث بعض المتزوجين الذين لهم بعض المشاكل الزوجية فيهربون من اللغط و 'نكير ' nguirليعانقوا عهد الصبا والطيش والحرية و'تزوفريت' وقد لا يخلو المشهد واللقاء من ‘ لمخاطير ' بتسكين الميم وفتح اللام او بعض الالغاز التي يصعب حلها ومن لم يستطع عليه أن يبحث عن الحطب أو ' الكرناف 'لتبق لفكيرة مستمرة ؛فيمضي الليل في شجن عجيب حتى سماع الآذان فيشق الجميع طريقه لفراشه ، خلسة لتجنب أسئلة الأم التي تظهر حذاقتها أمام الأب في الصباح لتنال إعجابه وتكبر في عينيه بعد أن تستفسر ابنها عن تأخره حتى الصباح....دون أن ينبس الشاب بكلمة خوفا من رعد وزبد الأب الذي لا يعرف للهدوء طريقا في مثل هذه المواقف..د

وقد تكبر الشيطنة فيضطر بعض الشباب لاقفال اقفال الابواب الخشبية او ‘ إزبدروا لقفولة ‘ بالدروب المظلمة للقصر حتى لا يخرج أحد من البيوت وتتكرر المشاهد بحلول كل فصل شتاء حيث تبقى الذكرى عالقة في الاذهان لسنوات وتصبح مادة خصبة للحكي اثناء كل لقاء حميمي بين اهالي القصر .......

 أحداث تقع بين بنايات طينية ظلت شامخة لعقود رغم مرور الأحقاب؛ تركت الناظر والمشاهد يحلم بماض انتهى ولم ينته أثره. حيث لا يمكن للمجتمعين على- لفكيرة - أن يستخفوا أو يتجاهلوا ما تتركه الكلمة بحديثها أوحدثها من أثر في الوجدان؛ فهي حدث وفضاء ومكان مسامرة و دفء يسكن شباب القصر وهم أسرة واحدة في العسر واليسر فتطاوعهم الذكرى بحرقة وتغيب الكلمات الصغيرة حيث القواسم المشتركة أكبر من الحسابات الضيقة.

بدفئ هذه الأمكنة يباشر الواحيون الحفر في الأعماق للوقوف على حقيقة وجود يضمحل مع الزمن، وما بقي منه غير كلمات جارحة وعبارات نارية ،تحرق وتذبل الجفون بثقل عيار زمن ثقيل وازن يتمنى الجميع عودته لاحتضانه ...ويبقى باب القصر ذاكرة حاضرة رغم الاعتقاد بأنه في طي النسيان ....