محمد حميدي

على مفترق طرق، يوجد أكثر من 24 ألف تلميذ وتلميذة اجتازوا هذه السنة اختبارات الدورة العادية للامتحان الوطني الموحد للبكالوريا، برسم السنة الجارية بالمؤسسات التعليمية المنتشرة على ربوع جهة-درعة تافيلالت؛ حيث تتزامن هذه الفترة مع إعلان عدد من المؤسسات والمعاهد العليا بدء استقبال الترشيحات لاجتياز مبارياتها، إلا أن وقوع أغلبها خارج تراب الجهة “المحرومة” من جامعة مستقلة، يحصر اختيارات نسبة هامة من هؤلاء التلاميذ ضمن الكليات المتواجدة على مستوى مدينتي الرشيدية وورزازات.

وعلى الرغم من مؤشرات “الأمل” التي بعثها افتتاح كلية للطب والصيدلة بالرشيدية في الموسم 2023/2024، وبدء أشغال بناء مؤسسات عليا بمدن أخرى، فإن وضعية العرض الجامعي بالجهة تظل، في تقييم لأكاديميين وفاعلين تحدثوا لـ”العمق”، “مُقلقة” وتستدعي لفت الانتباه إلى العوامل التي تجعل معانقة حلم الجامعة المستقلة مطلبا مستعجلا.

وضعية مقلقة

خالد الصمدي، الخبير الأكاديمي وكاتب الدولة للتعليم العالي سابقا، قال إن “القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، ينص على أنه ينبغي إحداث قطب جامعي مندمج في كل جهة. وهو ما يفرض أن تضم ‘درعة-تافيلالت’ على غرار باقي جهات المملكة، جامعة مستقلة تجمع كليات متعددة التخصصات ومدارس ومعاهد عليا ومؤسسات للبحث العلمي سواء على مستوى الرشيدية أو أيّ مدينة أخرى داخل الجهة، بما يضمن سدّ حاجيات ساكنتها”.

وأضاف الصمدي، في تصريح لجريدة “العمق”، أنه يعتقد أن “الجهات الوصيّة على التعليم العالي بالمملكة مُقتنعة بهذا المطلب؛ دليل ذلك إحداثها كلية للطب والصيدلة بالرشيدية وعزمها إحداث مؤسسات عليا بمدن أخرى داخل الجهة، على غرار المدرسة العليا للتكنولوجيا بورزازات” آملا أن “تشكل هذه الخطوات نواة تأسيس جامعة بدرعة-تافيلالت”.

كاتب الدولة للتعليم العالي سابقا بيّن أن من ضمن ما يؤهل الجهة لأن تكون حاضنة لجامعة مستقلة متعددة التخصصات “ما تحظى به من غنى علمي وثقافي وموروث حضاري، وأيضا ثراء على مستوى الموارد الطبيعية والبشرية”.

واعتبر الصمدي أن غياب جامعة مستقلة بدرعة-تافيلالت “يجعل الوضعية مُقلقة للغاية؛ حيث إن وجود بعض المؤسسات الجامعية بترابها تابعة لجامعات في مدن أخرى، كما هو الحال بالنسبة لمؤسسات ورزازات التابعة لجامعة ابن زهر بأكادير، يجعل انتقال الطلبة والأساتذة والشركاء الاقتصاديين والتربويين إلى رئاسة الجامعة أمراً متعبا للغاية”.

وجوابا على سؤال لـ”العمق” حول الفائدة المرجوة من إحداث هذه الجامعة على مستوى تجويد البحث العلمي بالمملكة، أكدّ الصمدي أن “إحداث أيّ مؤسسة جامعية؛ يعني شقّ مسارين؛ مسار للتكوين وآخر للبحث العلمي. وبالتالي فإنه يتوقع من الجامعة المرجوة أن تضم مختبرات علمية في مختلف التخصصات، تساهم في إنتاج بحث علمي يتماشى مع حاجيّات الجهة، ويواكب ما تزخر به من غنى ذكرته سالفا، ويجيب عن أسئلة التنمية المطروحة”.

مسائلة للعدالة المجالية

في تعقيبه على الموضوع اختار نور الدين عبو، وهو فاعل جمعوي بتنجداد بإقليم الرشيدية، أن يشير بداية إلى “أن الدينامية المأمولة على مستوى البنيات التحتية بالجهة، ينبغي أن تصحبها دينامية أيضا على مستوى بناء الإنسان”، موضحا أن من بين ما يصُب في هذا المنحى “إنشاء جامعة مستقلة بجهة درعة- تافيلالت، تكون في جميع التخصصات الجامعية”.

وأكد عبو على أن “غياب جامعة مستقلة بجهة درعة-تافيلالت يسائل تطبيق الدعوات الملكية السامية للحدّ من الهدر المدرسي وإقامة العدالة المجالية؛ حيث بات المواطن/ التلميذ الدرعاوي- الفيلالي يذهب إلى بعض المدن المغربية ليجد أقرانه متفوقين عليه في جملة من التخصصات، التي لا يسمع بها أحيانا”.

وحلم إنشاء هذه الجامعة، تستدعيه، حسب ما بسط المتحدث في تصريح لجريدة “العمق”، مجموعة من العوامل، “أولها: الحفاظ على استقرار عائلات التلاميذ بالجهة؛ حيث تضطر عائلات كثيرة إلى مغادرتها، بالنظر لعدم وجود جامعة بتخصصات تلائم طموحات أبنائها. أما العامل الثاني فيتمثل في كون قصر يد أرباب الكثير من الأسر عن توفير المستلزمات المادية لدراسة أبنائها في مدن أخرى، يضطر كثير من التلاميذ والطلبة الذين لا تعوزهم الكفاءة إلى الانقطاع عن دراستهم”.

وأضاف الفاعل الجمعوي بتنجداد أن ثالث العوامل يتمثل في “اضطرار الكثير من التلميذات إلى اختيار شعب مجانبة لطموحاتهم المهنية، بسبب بعد الجامعات التي تنضم تحتها المدارس والمعاهد العليا التي كافحوا من أجل الولوج إليها، عن محلّ سكناهن”، مستدركا أنه حتى في حال قبل ولاتهم متابعة دراستهن في هذه المعاهد فإنهن يواجهن أحيانا “المحسوبية والزبونية اللتان تطبعان الولوج إلى بعض الأحياء الجامعية”.

المصدر: العمق المغربي