محسن الأكرمين - مكناس  / جديد انفو

لم يخل الخطاب الملكي بالبرلمان يوم الجمعة من إشارات قوية ومتعددة إلى كل الفاعلين السياسيين . لكن الإشارة القوية حجرة الزاوية هي من أصابت أحزابا سياسية بعينها . والمقصد الأول فيها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية . فالحزب سجل تراجعا ملحوظا في عدد المقاعد المحصل عليها سواء في انتخابات (4 شتنبر أو 2 أكتوبر ) . و التراجع أصاب حتى عينة من الوجوه السياسية البارزة التي ألف المشهد السياسي المغربي نجاحها في كل استحقاق انتخابي بسلاسة وتأثيث كراسي البرلمان بوجوههم !!!!.

إشارات الملك الموجهة أعادت الثقة لمن شمله العقاب الانتخابي الشعبي " ... فعليهم ألا يفقدوا الأمل، وأن يرفعوا رؤوسهم لما قدموه من خدمات للوطن والمواطنين " ... فالأمل لا يلزم افتقاده بمحطة انتخابية ، بل لا بد من استمرارية العمل ضمن المكون الشعبي / الوطني بكل صدق ومصداقية و حكامة . فالثقة بين الأجزاء المكونة للعبة السياسية (الناخب /المنتخب ) هي في القرب من المشاكل المعيشية للمواطن المغربي البسيط ولو في البعد الجغرافي العميق ، هي في معالجتها بالتواصل والسماع وتنزيل الحلول التوافقية  ،هي في رشد الناخب  والمنتخب و الانكباب على الأولويات الخادمة للشأن المحلي / الجهوي / الوطني ، هي بقبول نتائج اللعبة السياسية دون التشكيك في مصداقيتها العامة  " ... هذا هو حال الديمقراطية الحقة ، فهي تداول وتناوب على ممارسة السلطة، وتدبير الشأن العام، فمن لم يفز اليوم قد يكون هو الرابح غد " .

فيما النصح الموثوق بصدقه حين قال الملك "... وعليهم أن ينتبهوا إلى أن المغاربة أصبحوا أكثر نضجا في التعامل مع الانتخابات، وأكثر صرامة في محاسبة المنتخبين على حصيلة عملهم ". فالحقيقة القطعية لما بعد الحصيلة الانتخابية النهائية أفضت إلى مسألتين : الموجه الأول فيها المراهنة  على استكمال لبنات الإصلاح وتنزيل فصول دستور 2011 ، والثقة بالمؤسسات المنتخبة . فيما الموجه الثاني هو في الوعي السياسي الايجابي لدى المجتمع المغربي (الناخب ) في إرساء الفعل الديمقراطي وفق التحولات السياسية والاجتماعية الوطنية ، وهو المؤشر الايجابي نحو التوجه بوثوق نحو المستقبل .

الرسالة المصاحبة للسياسيين الذين لم يتوفقوا في هذه الانتخابات، لم تقتصر فقط على النصح وإعادة الثقة لكل من شمله كلام الملك بالتلميح ، وترميز العطف ، بل جعلت من القاعدة القانونية والدستورية المرجعية الأساسية "... وبطبيعة الحال فإن من يعتبر نفسه مظلوما، بسبب بعض التجاوزات المعزولة التي تعرفها عادة الممارسة الديمقراطية، فيبقى أمامه اللجوء إلى القضاء " .

وأكد الملك في خطابه بإشارة قوية  رفض  "... الاتهامات الباطلة الموجهة للسلطات المختصة بتنظيم الانتخابات. فالضمانات التي تم توفيرها تضاهي مثيلاتها في أكبر الديمقراطيات عبر العالم، بل إنها لا توجد إلا في قليل من الدول " .

مرت الانتخابات بأعطاب اقل ما يمكن القول عنها أنها صادقة بنسبها التمثيلية ، فرفض الملك محمد السادس " البكاء على الأطلال " ما هو إلا دعوة صريحة للأحزاب إلى معاودة العمل الصادق مع المواطنين وذلك بتغليب المصلحة العليا للوطن .

فيما اللوم المطلق أًنزل على من شكك بمصداقية نتائج انتخابات (2 أكتوبر) وهو من داخل السلطة التنفيذية !!!! بخطاب ألفناه يحمل التيئيس والتشكيك ، في حين يجب أن نعترف أن التجربة المغربية قطعت أشواطا بينة في سبيل إرساء وترسيخ الممارسة الديمقراطية السليمة ، وحالات النزاعات الانتخابية يجب أن تعرض على القضاء ، ونؤمن  بالتمام بنزاهة القضاء وقدرته على الحسم فيها .