محسن الأكرمين - مكناس / جديد انفو

لم يكن تكلس أصابعي عن الكتابة إلا عندما تلوثت تفاحة العالم الفاسدة ... وقرر ادم بستر نصفه الأوسط علانية . لم تكن عافيتي تستعاد بظل امرأة احتضنتني ثم ضمتني وبكت لأجلي ثم قبلت يدي بين سراب الأسوار البعيدة وبعثت برسالة مدوية لي بدمعة حياة...

حتى أطمئن قلبي حملت ريشتي الطفولية ومدادي وكلماتي الكاسدة داخل أكياسها، حتى أطمئن قلبي بأنني بخير نفضت غبار التقادم عن أفكاري ورتبت خزانة ثقافتي المتبقية بعد النسيان والتناسي ...الآن، الآن أريد التخلص من تحجر أفكاري وقدرتي على البكاء كل لحظة ... الآن أريد الثورة على معالم حياتي المتبقية ... استرجعت ذكريات حياتي... تفاصيل كانت موغلة في الإطناب ولم يركبني الملل أبدا من الحكي أمام المقام العالي... وسردت قولي ولا مناص لي من الاعتراف ...كسرت تخشب كلماتي في زمن الحدود ... نفخت في لغتي حرارة الحب فهبت قياما من إعاقة وضع اليد والزمان ... رسالة الحرية شدت المكان بالوحدة والتيه بين تزاحم كلماتي ... فكرت في كوب ليمون وماء معدني بارد بزاوية مقهى أجهل اسمها ... الآن، الآن طيفها بمرسم الموناليزا لاح في قوس مشع معلنا الحضور المتواصل ... لحظة أحسست بأن أصابعي تستعيد حياة النقر على لوحة الكتابة وطلاق صيام الكلمات ... الطيف الوديع أمامي إيقاع خطواته تشاركني مكاني ...رائحة عطر دخلت المكان من حيث لا أدري وارتكنت مقعدا أمامي بابتسامة طفولية ... سلمت نفسي طوعا لمعالم سطوتها المعرفية الساحرة ... فمن تكون ؟

وردة لا لون لها إلا لون طيف الحياة ... وردة للنحل خلقت وفيها موقع مطار مفضل بعبق ورحيق الحياة ...من تكون ؟
لحد الآن لم تتعرفوا عليها فوصفها عجزت كلماتي عن ضمها وتفسيرها ... إنها الشجرة التي لا ترضى أن تغير أوراقها ... رغم أنني أستعيد منها كل الأشياء التي تشبهني بالتناسخ ... فمن تكون ؟

الآن ... عرفت نفسي بأنني أبله زماني ... الآن خبرت صغر حجم تفكيري فلم أستطع تعريفكم عليها رغم أنكم سادتي لو شاهدتموها لعرفتم من هي ... لا ، فلم ولن أبوح بإسمها لأحد إلا بعد انتهاء كلامي ...

ارتشفت شربة ماء وتاه تفكيري ...عن أي امرأة الآن أبحث ؟...عن أي سيدة أروي لكم أوصافها ...هي التي تسكن ظلال السماء ...هي التي يفتقدها القوم جميعا في الليلة الظلماء ...الآن عرفتم من هي ؟

نجمة في السماء ، ابتسمت فكم كنت أخادعكم منذ البدء الأول ...فأنا أعرف تقاسيم ملمحها ...أعرف عينيها باللون والاتساع ...أعرف أنها الوسيط الوجداني والروحاني ...أعرف أنها الفكر والعقل ... فمن تكون إذا ؟

أثقلت عليكم القول وأنتم في انتظار إقراري واعترافاتي ...ولكني خبرت لعبة التصريح، لأنكم لن تكملوا قراءة كتاباتي بعد إمدادكم باسمها ... الآن انتظروا معي للبحث عن من تكون ؟

هي التي لن تجعل من قلبها قطعة غيار تباع عند الصيدليات ...هي التي تضع القوانين وتحجم إفصاحها عن الذات ...هي التي علمت "حمو رابي " أن القانون باختراقه يطبق العدل ويسود ... الآن عزمت القول وتوكلت على من خلق الكون على البوح بالسر... ولكن لم تفلح كلماتي إلا بما رسمت على حائط كلماتها ... الصمت بدأ يلف تناسل مفرداتي ...وأصابعي تشبكت بحمل ثقل رأسي ...إلا أن نصحتني عرافتي بالتزام الصمت الآن ... والإفصاح عن اسمها عندما تعلو السماء وتقل سحب الشتاء... وتعود الأوراق للأغصان ربيعا ... حين ذاك أبوح بسري لبستان الرياحين القادم بعد جفاء الزمان ... فهل عرفتم من هي ؟

إنها أزاهير الصباح...