حنان الشاد - مكناس / جديد انفو
 
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي يتمثل في خطة 2030 للتنمية المستدامة بأهدافها 17 يعد من الأولويات القصوى كجدول أعمال شامل لمواجهة بعض التحديات التي تواجه عالمنا وكخطة تشاركية بين دول العالم من أجل اتخاذ الخيارات الصحيحة لتحسين الحياة بطريقة مستدامة للأجيال القادمة مع اعتبار التحديات البيئية التي يواجهها العالم بأسره.
 
وقد دخلت أهداف التنمية المستدامة حيز التنفيذ في يناير 2016 وستستمر للسنوات الخمس عشرة القادمة من خلال العمل في نحو 170 بلدا وإقليما، مركزة على عدة مجالات رئيسية، منها الحد من الفقر، تعزيز الحكم الديمقراطي وبناء السلام، مواجهة آثار تغير المناخ ومخاطر الكوارث وعدم المساواة الاقتصادية.
 
كما يقدم هذا البرنامج الإنمائي الدعم للحكومات من بينها المغرب لإدماج أهداف التنمية المستدامة في خططها وسياساتها الإنمائية الوطنية.
 
وعلاقة بما سبق، فقد صرحت كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة السيدة نزهة الوافي في إحدى اللقاءات سنة 2017، بأن مخطط التنمية المستدامة يعد من ركائز السياسات الحكومية على عدة مستويات اقتصادية، بيئية وثقافية، موضحة انخراط المغرب في أوراش المخطط الأخضر كتحالف هادف بين النمو الاقتصادي والمسؤولية البيئية بما في ذلك خلق فرص الشغل. كما أشارت إلى أنه تم تحديد سبعة قطاعات كجزء من البرنامج الوطني لتثمين النفايات، تتعلق بالبلاستيك، وثنائي الفينيل متعدد الكلور، والبطاريات، والإطارات، والزيوت الغذائية، وزيوت التشحيم، والورق المقوى. وتعد تجربة حملة "زيرو ميكا" من أجل القضاء على الأكياس البلاستيكية وتعويضها بأكياس قابلة للتحلل تجربة ناجحة ساهمت في التقليص من عامل التلوث البيئي وكذا تخليق العادات الاستهلاكية والإنتاجية لدى المواطنين والمنتجين. وهو ما يثمنه الالتزام الثابت للمملكة المغربية فيما يتعلق بالتنمية المستدامة في إطار العلاقة بين بلدان الجنوب و التي جسدها مؤتمر الاطراف في مراكش "كوب 22".
 
بالرغم من هذه الانجازات، الا انها لا ترقى إلى إلزامية تطبيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، والتي يعد القانون-الإطار رقم 12-99 امتدادا جزئيا لها والذي يمثل ميثاقا وطنيا للبيئة والتنمية المستدامة يحدد الأهداف الأساسية لنشاط الدولة في مجال حماية البيئة والتنمية المستدامة والتي تتلخص كالتالي:
 
- تعزيز حماية الموارد والأوساط الطبيعية والتنوع البيولوجي والموروث الثقافي والمحافظة عليها والوقاية من الملوثات والإيذاءات ومكافحتها.
 
- إدراج التنمية المستدامة في السياسات العمومية القطاعية واعتماد استراتيجية وطنية للتنمية المستدامة.
 
- ملاءمة الإطار القانوني الوطني مع الاتفاقيات والمعايير الدولية ذات الصلة بحماية البيئة والتنمية المستدامة.
 
- تعزيز الإجراءات الرامية إلى التخفيف وإلى التكيف مع التغيرات المناخية ومحاربة التصحر.
 
- إقرار الإصلاحات ذات الطابع المؤسساتي والاقتصادي و المالي والثقافي في ميدان الحكامة البيئية.
 
- تحديد التزامات الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وشركات الدولة والمقاولات الخاصة وجمعيات المجتمع المدني والمواطنين في مجال حماية البيئة والتنمية المستدامة.
 
- إرساء نظام للمسؤولية البيئية ونظام للمراقبة البيئية.
 
فما مدى تفعيل هذه الأهداف على أرض الواقع ببلدنا المغرب؟ وهل ستكون هناك ولادة جديدة لمرحلة بيئية واقتصادية ما بعد حملة "زيرو ميكا"؟
 
لنأخذ مثلا تدبير النفايات تطبيقا لأحكام القانون28.00 الخاص بتدبير النفايات والتخلص منها وتفعيلا للبرنامج الوطني لتدبير النفايات المنزلية PNDM .
 
في إطار اللجنة المشتركة بين وزارة الداخلية واللجنة المكلفة بالبيئة. تبلغ تكلفة هذا البرنامج 40 مليار درهم، تخصص منها 67 بالمئة لخدمات الجمع والتنظيف، و17 بالمئة لخلق مطارح مراقبة، مع العلم أن الجماعات الترابية تساهم ب 73 بالمئة من مجموع تمويل البرنامج..
 
كل ماسلف ذكره جميل ومثالي وجد قانوني، لكن التدبير العشوائي لمطارح النفايات بالمغرب يشكل خطرا بيئيا كبيرا على حياة الإنسان، في غياب لتطبيق ممنهج للقانون 28.00 خاصة في اختيار مواقع لطرح النفايات وفق معايير خاصة، فنجد مطارح في التلال أو في اتجاه الرياح أو وسط الساكنة، وسط المدن( الحاجب، مكناس، فاس... ومدن أخرى) تمثل نقطا سوداء وكارثة بيئية تتنافى مع مبدأ ترسيخ الثقافة البيئية.. وأكبر مشكل هو كيفية معالجة عصارة النفايات المنزلية(اللكتيفيا)، هذه الأخيرة التي تلوث الفرشة المائية والهواء ايضا. وكان الأفضل تخصيص ولو 20 بالمئة من ميزانية البرنامج لتوعية المواطنين بخطورة النفايات وعصاراتها وكيفية تدبيرها لتفادي الهدر المالي والغير ممنهج وتدعيم المطارح بمراكز فرز مباشرة.. ويعد مطرح أم عزة بالرباط نموذجا جيدا ذو معايير دولية لتوفره على مركز تثمين النفايات وتحويل النفايات إلى طاقات، إضافة إلى خلقه مناصب عمل مهمة لساكنة جماعة "أم عزة" والنواحي..
 
ولعل التوجهات العامة للسياسات الوطنية تتجه نحو تفعيل هذا النموذج بباقي المدن الأخرى إلا أنها تبقى خطوة دون جدوى وفاعلية ما لم يتم التدبير المحكم لها.. فالميزانيات الخيالية التي تصرف دون نتيجة لا حاجة للمواطن ولا لمستقبل الأجيال القادمة بها.. خاصة وأن غلق المطارح أيضا يتم بشكل عشوائي وغير مدروس.. ولعل تفشي الامراض والأوبئة وارتفاع نسب الإصابة بالسرطان في السنين الأخيرة بالمغرب أكبر دليل على تعثر البرنامج..
 
التعجيل بتفعيل مراقبة هذه المطارح يعد الآن من الأولويات التي يجب على الدولة القيام بها...عوض الاكتفاء بطمر النفايات واللكتيفيا كنهاية للمشكل..