يتهافت الكثيرون بالتهنئة و التبريك كلما تقلد إنسان مسؤولية ما واضعين نصب أعينهم استفادات ممكنة. لكن الحديث عن مسؤول عند انتهاء مهامه عمل يكرس في الناس ثقافة الاعتراف.

سبب هذا الحديث هو إحالة مندوب وزارة الصحة، الدكتور مولاي مصطفى رشيدي على التقاعد. الكلام عن الرجل لا يستقيم الا باستحضار ثلاثة عناصر: رشيدي، الطبيب، المثقف و الإنسان.

مولاي مصطفى كان طبيبا بالمعنى الذي كان يعطيه القدماء لهذه المهنة، لقد كان حكيما. تعامله مع مهنته كان يطبعه حب ما يقوم به و الإخلاص في العمل و البحث المستمر عن الجديد، فقد كان ما يوصيك به ان سافرت إلى إحدى المدن الكبرى هو ان تبحث له عن الجديد. كما انه كان حريصا على الأمانة و البحث عن تطوير القطاع محليا و إقليميا دون ضجيج، فقد كان وراء اتفاقية تزويد مستشفى مولاي علي الشريف بجهاز سكانير متطور و بجهاز تصوير طبي عالي الجودة و بتجهيزات خاصة بطب القلب و تجهيز مركز تصفية الدم بكل من كلميمة و الريصاني. الدكتور رشيدي هو كذلك الطبيب القادر على التضحية باجازاته و راحته كلما دعت الضرورة لذلك.

الجانب الثاني في شخصية الرجل هو انه مثقف قاريء للشعر و القصة، حافظ لأجزاء كثيرة من القرآن الكريم. حديثه عن المتون الدينية و عن دواوين فطاحل الشعراء لا يضاهيه الا حديث الأكاديمي المتخصص و ذلك راجع إلى شغفه بالكتاب و القراءة. انه، كذلك المتتبع للشأن الثقافي و الفني و الداعم له بالنصح و الإرشاد و التثمين.

مولاي مصطفى، الإنسان، هو ذلك الرجل الرافض للظلم و التدليس و النفاق، القادر على المواجهة كلما آمن بفكرة و اقتنع بها، الإنسان الودود، الصادق في صداقاته، المضحي من اجل من يحب و يحترم إلى ابعد الحدود. رجل أمين مؤتمن.

الحديث عنك، صديقي، مهما طال لن يوفيك و لو قدرا بسيطا مما تستحق. فدمت طيبا، شهما، صديقا، و لك في يوم تقاعدك مني، خالص الأماني بموفور الصحة و السعادة.