التعليم وسيلة ترقية الأجيال و المجتمعات فمن خلالها تصنع الأمجاد و ترقى الأمم و يجعل الإنسان يترك أثرا للأجيال اللاحقة , من هذا المنطلق يعتبر التعليم في منطقة الجنوب الشرقي قضية تاريخية و معقدة جعلت السكان يتأرجحون بين مؤيد له و معارض, فتاريخنا خلال مرحلة الاستعمار (الحماية) كان السكان يعتبرون التعليم في تلك الحقبة الاستعمارية تنصيرا و خروجا عن الملة و الدين في حين استغل آخرون هذا الجانب فتبوؤوا بعده مناصب مسئولة و تولوا زمام الأمور داخل دواليب الدولة آنذاك بفضل مستواهم العلمي.

إلى جانب هذا, قاوم سكان الجنوب الشرقي المستعمر الفرنسي في معارك شرسة ك : بوكافر, بوذنيب , البطحة, بادو, مصيصي و أيمي ن ؤمسعد... من أجل نيل الحرية و الاستقلال لهذا الوطن العزيز, إلا أنهم لم يستفيدوا من تضحياتهم التي قدموها لهذا الوطن و ذلك راجع لعامل ألا وهو غياب الأطر و النخب المثقفة المحلية القادرة على تولي السلطة و اتخاذ قرارات على المستوى الوطني تجعل المنطقة تنال حظها من السلطة و الثروة و رد الاعتبار و مكافئة أولئك الذين ضحوا بالغالي و النفيس من أجل حرمة الوطن.

السؤال الذي يطرح نفسه بعد انتقاداتنا للسابقين ماذا قمنا نحن اللاحقين لهاته المنطقة خاصة و الوطن عامة في ظل المتغيرات الدولية و الإقليمية؟

إننا نكرر نفس تجربة الأجداد بصيغة جديدة تساير الزمن عن طريق عدم انخراطنا و مشاركتنا الفعالة داخل التنظيمات السياسية أي الأحزاب لتحمل المسؤولية في تدبير الشأن العام المحلي لاتخاذ قرارات تناسب طموحات و حاجيات السكان للنهوض بالتنمية الاجتماعية, الاقتصادية و الثقافية و خدمة الصالح العام , وهذا يتطلب وجود وجوه قادرة على التأثير و ترك بصمة في إطار مشروع سياسي مجتمعي جهوي , عكس النقد من أجل النقد و البكاء على الأطلال .

إذن أن الأوان لنستيقظ من سباتنا العميق و يتحمل كل واحد منا مسؤوليته للمساهمة في خدمة جهتنا بالخصوص و الوطن عموما, لأنهم يحتاجون منا بذل المزيد من الجهد و العمل لبناء صرح الدولة الديمقراطية. إننا أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الاندماج و المشاركة الفعالة في ظل واقع سياسي يفرض نفسه أو ترك المجال نهائيا بعد أن كنا مفعولا بهم و هذا الأخير لا يجدي نفعا.

 بعد الحراك الديمقراطي الذي عرفته دول , و كذا بعد دستور 2011 تأسست أحزاب جديدة تتبنى هذه القناعات من خلال إشراكها النخب و الأطر لخلق مصالحة بين السياسة و المعرفة و ترك الأيديولوجيات مع إعطاء الأولوية للفعالية و النجاعة في تدبير الشأن السياسي , مما سيعطي فرصة نادرة للغيورين على المنطقة لخدمتها و تنميتها و منحها قيمة مضافة لكي تنافس باقي الجهات, و عدم فسح المجال أمام أولئك ( الأميين البانضية)  الذين يستغلون غياب المنافسة لخدمة مصالحهم الضيقة.

 و قديما قال الحكيم الأمازيغي :

Unna mi tlla mma ns g tmghra dat itetcha

لن يبقى جائع من كانت أمه حاضرة الأعراس