يتباهي المسؤولون في بلادنا، بكم وحجم "الأوراش" المفتوحة، في العقد الأخير، في جهات المغرب، في عدد من القطاعات: الطرق السيارة والموانئ، المطارات والقطارات، الفلاحة والسدود، الصناعة والسياحة والبنيات التحتية... إلخ.
لا أحد يجادل في أهمية هذه المجالات، كما لا ينكر أحد الجهود التي بذلت فيها، وتأثيرها على حياة المواطنين. والمدقق في جل هذه الأوراش والقطاعات، سيتبين له أن الأولوية والأسبقية أعطيت، فيها، للجوانب المادية والاقتصادية... وبعض الجوانب الاجتماعية. كما سيتبين له أن  "بناء الإنسان"، أداة التنمية وغايتها، لم يحظ بنفس الأهمية في مشاريعنا وأسبقياتنا.
"ما هموني غير الرجال إلا ضاعوا، الحيوط إلا رابوا، كلها يبني دار"، يقول ناس الغيوان.
أسبقية الأسبقيات إذن، هي بناء الإنسان، القادر على تصور وتخطيط وتنفيذ وتطوير المشاريع البنائية الأخرى، وإبداع مشاريع جديدة تسير في اتجاه سعادة ورفاهية المواطن.
تخطيط وإنجاز المشاريع والأوراش الاقتصادية والمادية الكبرى سوف تكون دون معنى ولن يكون له مردود إيجابي في التنمية الشاملة الحقيقية، إذا نحن أهملنا الإنسان. إذا لم يكن بناء الإنسان من أولوياتنا الملحة.
الناظر في حال القطاعات التي لها ارتباط وثيق بالإنسان، ببلادنا، تنشئته وتعليمه وتربيته وتكوينه وتثقيفه وبناء جسمه والترفيه عنه... سيرى أنها الأقل حظوة في مشاريعنا وأوراشنا، وسيستنتج أننا لا نمتلك، لحد الآن، مشروعا مجتمعيا تنمويا متكاملا، محوره الإنسان.
ـ التربية والتعليم: هذا القطاع، ورغم أن المسؤولين يعتبرونه "القضية الثانية" بعد القضية الوطنية، ورغم أهمية ما يخصص له من اعتمادات في ميزانية الدولة، إلا أنه يعرف، كما هو معلوم، التخبط ومجموعة من الاختلالات. "الميثاق الوطني للتربية والتكوين"، الذي تم التوافق عليه من قبل معظم مكونات المجتمع، تم، منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، توقيف تنفيذ إجراءاته الاستعجالية وبيداغوجياه الإدماجية، التي وُضعت معالمها، في خطوة مسرِّعة، في المخطط الاستعجالي، (تم التوقيف) بصفة فردية لاغية لاستمرارية المؤسسة بغض النظر عن الأشخاص، دون تقويم، ودون تقديم أي بديل.
التعليم الأولي ما قبل المدرسي، الذي نص "الميثاق" على إدماجه في المنظومة التربوية العمومية، وتوقع تعميم التسجيل بالسنة الأولى منه سنة 2004، لا يزال معظمه (إن لم نقل كله) في أيدي القطاع الخاص، ولا يستفيد منه جميع الأطفال بالغي أربع سنوات من عمرهم، رغم الخطاب التربوي والسيكولوجي، المختص والرسمي الذي يعترف بأهمية الطفولة في سن أربع/ ست سنوات في بصم شخصية الإنسان وإكسابها، بصفة حاسمة، أهم سماتها التي ستؤثر فيما بعد، في مراحل العمر اللاحقة. ومعظم المربيات فيه لم يخضعن لأي تكوين بيداغوجي.
مستوات التعليم الأخرى سال مداد غزير عن اختلالاتها وأعطابعا فيما يخص المنهاج التربوي وتكوين وتأطير وإعادة تكوين المربين، والكتاب المدرسي، والإشراف التربوي والإدارة المدرسية، ومعضلات التقويم والمراقبة المستمرة والاكتظاظ  والتربية البدنية (في الابتدائي على الخصوص) والتربية الفنية (ووضعيتها المزرية في منظومتنا التربوية) والعنف في الوسط المدرسي، والأقسام متعددة المستويات ولغات التدريس (يثير الباحثون والآباء والمربون وغيرهم، على سبيل المثال، منذ أكثر من عقدين من الزمن، الظاهرة الغريبة المتمثلة في تلقين المواد العلمية بالعربية في الابتدائي والثانوي، ثم بالفرنسية في العالي وتأثير ذلك على الطلبة ومستوى تكوينهم، واستمرارية الوضع على حاله، رغم اعتراف الجميع بانعكاسه السلبي على المنظومة والوطن)، والخصاص في المدرسين  والوسائل والمعينات الديداكتيكية، والمكتبات المدرسية  والقاعات الوسائطية ومشاكل التعليم القروي (تمدرس الفتاة، الهدر المدرسي والعودة إلى الأمية، الإطعام والداخليات، لااستقرار المدرسين، النقل المدرسي، البنيات الأساسية...) وقضايا التوجيه والتعليم العالي (غياب العلوم الإنسانية، مثلا، في الشعب والتكوينات العلمية) والتعليم الأصيل والعتيق والتقني والتكوين المهني والبحث العلمي... إلخ. كل ميدان له أعطابه ومشاكله النوعية.

ـ الثقافة: وضع وزارة الثقافة، في بلادنا لا يحتاج إلى توصيف. ما زلنا لا نقدر (أو لا نريد أن نقدر!) دور الثقافة في بناء الإنسان، وبالتالي تحصينه وتكوينه ليصير اللبنة الأساس في تحقيق التنمية الشاملة ومواجهة التيارات المتطرفة والمتشددة والإرهابية. الثقافة ليست من أولوياتنا ولا نعتبرها رافعة للتنمية (انظر ميزانيتها في التدبير الحكومي، وحالتها في دور الثقافة والمكتبات والمسارح والمتاحف والآثار ودور السينما و"المركبات الثقافية"... ومكانتها في مؤسساتنا التعليمية والحزبية والجماعاتية والمقاولاتية والإعلامية [قارن مثلا، بين الحيز الذي يخصص لكل من الثقافة والرياضة في صفحات الجرائد الورقية وبرامج القنوات التلفزية الوطنية، هذه الأخيرة التي، عوض أن تسهم في تربية وتثقيف وتكوين وتوعية المواطن، إلى جانب إخباره وإمتاعه، تركز، في معظم برامجها، على الترفيه والإشهار وفرجة الكرة والنجوم وتسويق "الإنتاجات" التسطيحية الرديئة... ] وحتى في الأسر [الاهتمام الكبير بأدوات وتجهيزات المطبخ وأثاث الصالونات وغياب المكتبات في منازلنا (أو ندرتها)، وبالتالي الوضع الكارثي للكتاب والقراءة في بلادنا]... ناهيك عن وضعيتها (الثقافة) البئيسة أو الغائبة في العالم القروي).
ما يعطي لهذا القطاع بعض الوهج ويسمه بالحيوية النسبية، هي الجهود الفردية للمثقفين والمفكرين والمبدعين والكتاب والفنانين المغاربة أنفسهم، وكذا تنظيماتهم في المجتمع المدني.

ـ الشبيبة والرياضة. هذا القطاع أيضا مهمش وغير معدود من القطاعت الإستراتيجية في بلادنا، رغم أنه يهم تأطير شريحة عريضة وحيوية من الساكنة، شريحة الشباب رمز مستقبل البلاد. من مظاهر فقر هذا القطاع، الخصاص المهول في دور الشباب و عدم كفاية أنشطتها وعجزها عن تغطية كل التراب الوطني، وبالتالي عدم استفادة أعداد هائلة من الشباب والأطفال من خدماتها. المخيمات الصيفية لا يستفيد منها إلا عدد ضئيل جدا من الأطفال والشباب ولمدد قصيرة جدا (ويبقى ما يقرب من سبعة ملايين طفل وشاب ممدرسين، طيلة كل شهور العطلة الصيفية، دون تأطير، وعرضة لإغراءات ومخاطر الشارع وغيره). هذا بالإضافة إلى النقص في "المركبات الرياضية" والملاعب والنقص في الموارد البشرية المؤهلة... ومشاكل الأندية الرياضية والجامعات في مختلف الرياضات...

ـ الأوقاف والشؤون الإسلامية: رغم الجهود التي بذلت في العشرية الفارطة، في مجال التأهيل الديني، بعد ما عرفه المغرب والعالم من تنامي التشدد والتطرف والإرهاب، فإن القطاع ما زال يشتكي العديد من النقائص. مثلا، على مستوى تأهيل القيمين الدينيين وتكوينهم ومدى إحساسهم بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم، في الإسهام في التربية وتوفير الأمن الروحي للمواطنين، إذا قصرنا الحديث في خطاب الأئمة والوعاظ (الذي يوجه للملايين)، فإننا سنجد أن العديد منهم يفتقر لبيداغوجية وتقنيات وأساليب التواصل. بل منهم من ينسى أن يتوجه إلى المغاربة بشكل عام، فينتصر لفئة منهم ويستعدي فئات أخرى. ومنهم حتى من لا ينضبط لتعليمات الوزارة الوصية (دليل الإمام والخطيب) ويناقض خطابها (في مجال ثوابت الأمة مثلا، أو في مجالات حساسة مثل قضية المرأة والفنون وحقوق الإنسان)...
هذه حال نماذج من القطاعات التي أوكلت إليها مهمة ومسؤولية تعليم وتربية وتكوين وتنشئة الإنسان المواطن. فهل يحس هذا الإنسان أنها تمثل، بالفعل، أوراشا حقيقية جادة في بناء المواطن المتوازن الشخصية، القادر على الابتكار والإبداع والعمل على إرساء أسس التنمية الشاملة؟ هل هناك حرص على التنسيق فيما بينها في التنفيذ المندمج لبرامجها أم أن كل قطاع يشتغل، حين يشتغل، بمعزل عن القطاعات الأخرى؟ أليس هناك تناقض وتضارب بين خطاباتها وخططها (هل يشعر المواطن مثلا، بالانسجام والتناغم بين خطاب المدرسة والتلفزيون والنادي والمسجد والجمعية والأسرة)؟ باختصار، هل لدينا مشروع مجتمعي متكامل متوافق حوله ، تسعى كل القطاعات لتحقيقه؟ هل لدينا مشروع حقيقي لبناء الإنسان؟

يتباهي المسؤولون في بلادنا، بكم وحجم "الأوراش" المفتوحة، في العقد الأخير، في جهات المغرب، في عدد من القطاعات: الطرق السيارة والموانئ، المطارات والقطارات، الفلاحة والسدود، الصناعة والسياحة والبنيات التحتية... إلخ.
لا أحد يجادل في أهمية هذه المجالات، كما لا ينكر أحد الجهود التي بذلت فيها، وتأثيرها على حياة المواطنين. والمدقق في جل هذه الأوراش والقطاعات، سيتبين له أن الأولوية والأسبقية أعطيت، فيها، للجوانب المادية والاقتصادية... وبعض الجوانب الاجتماعية. كما سيتبين له أن  "بناء الإنسان"، أداة التنمية وغايتها، لم يحظ بنفس الأهمية في مشاريعنا وأسبقياتنا.
"ما هموني غير الرجال إلا ضاعوا، الحيوط إلا رابوا، كلها يبني دار"، يقول ناس الغيوان.
أسبقية الأسبقيات إذن، هي بناء الإنسان، القادر على تصور وتخطيط وتنفيذ وتطوير المشاريع البنائية الأخرى، وإبداع مشاريع جديدة تسير في اتجاه سعادة ورفاهية المواطن.
تخطيط وإنجاز المشاريع والأوراش الاقتصادية والمادية الكبرى سوف تكون دون معنى ولن يكون له مردود إيجابي في التنمية الشاملة الحقيقية، إذا نحن أهملنا الإنسان. إذا لم يكن بناء الإنسان من أولوياتنا الملحة.
الناظر في حال القطاعات التي لها ارتباط وثيق بالإنسان، ببلادنا، تنشئته وتعليمه وتربيته وتكوينه وتثقيفه وبناء جسمه والترفيه عنه... سيرى أنها الأقل حظوة في مشاريعنا وأوراشنا، وسيستنتج أننا لا نمتلك، لحد الآن، مشروعا مجتمعيا تنمويا متكاملا، محوره الإنسان.
ـ التربية والتعليم: هذا القطاع، ورغم أن المسؤولين يعتبرونه "القضية الثانية" بعد القضية الوطنية، ورغم أهمية ما يخصص له من اعتمادات في ميزانية الدولة، إلا أنه يعرف، كما هو معلوم، التخبط ومجموعة من الاختلالات. "الميثاق الوطني للتربية والتكوين"، الذي تم التوافق عليه من قبل معظم مكونات المجتمع، تم، منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، توقيف تنفيذ إجراءاته الاستعجالية وبيداغوجياه الإدماجية، التي وُضعت معالمها، في خطوة مسرِّعة، في المخطط الاستعجالي، (تم التوقيف) بصفة فردية لاغية لاستمرارية المؤسسة بغض النظر عن الأشخاص، دون تقويم، ودون تقديم أي بديل.
التعليم الأولي ما قبل المدرسي، الذي نص "الميثاق" على إدماجه في المنظومة التربوية العمومية، وتوقع تعميم التسجيل بالسنة الأولى منه سنة 2004، لا يزال معظمه (إن لم نقل كله) في أيدي القطاع الخاص، ولا يستفيد منه جميع الأطفال بالغي أربع سنوات من عمرهم، رغم الخطاب التربوي والسيكولوجي، المختص والرسمي الذي يعترف بأهمية الطفولة في سن أربع/ ست سنوات في بصم شخصية الإنسان وإكسابها، بصفة حاسمة، أهم سماتها التي ستؤثر فيما بعد، في مراحل العمر اللاحقة. ومعظم المربيات فيه لم يخضعن لأي تكوين بيداغوجي.
مستوات التعليم الأخرى سال مداد غزير عن اختلالاتها وأعطابعا فيما يخص المنهاج التربوي وتكوين وتأطير وإعادة تكوين المربين، والكتاب المدرسي، والإشراف التربوي والإدارة المدرسية، ومعضلات التقويم والمراقبة المستمرة والاكتظاظ  والتربية البدنية (في الابتدائي على الخصوص) والتربية الفنية (ووضعيتها المزرية في منظومتنا التربوية) والعنف في الوسط المدرسي، والأقسام متعددة المستويات ولغات التدريس (يثير الباحثون والآباء والمربون وغيرهم، على سبيل المثال، منذ أكثر من عقدين من الزمن، الظاهرة الغريبة المتمثلة في تلقين المواد العلمية بالعربية في الابتدائي والثانوي، ثم بالفرنسية في العالي وتأثير ذلك على الطلبة ومستوى تكوينهم، واستمرارية الوضع على حاله، رغم اعتراف الجميع بانعكاسه السلبي على المنظومة والوطن)، والخصاص في المدرسين  والوسائل والمعينات الديداكتيكية، والمكتبات المدرسية  والقاعات الوسائطية ومشاكل التعليم القروي (تمدرس الفتاة، الهدر المدرسي والعودة إلى الأمية، الإطعام والداخليات، لااستقرار المدرسين، النقل المدرسي، البنيات الأساسية...) وقضايا التوجيه والتعليم العالي (غياب العلوم الإنسانية، مثلا، في الشعب والتكوينات العلمية) والتعليم الأصيل والعتيق والتقني والتكوين المهني والبحث العلمي... إلخ. كل ميدان له أعطابه ومشاكله النوعية.

ـ الثقافة: وضع وزارة الثقافة، في بلادنا لا يحتاج إلى توصيف. ما زلنا لا نقدر (أو لا نريد أن نقدر!) دور الثقافة في بناء الإنسان، وبالتالي تحصينه وتكوينه ليصير اللبنة الأساس في تحقيق التنمية الشاملة ومواجهة التيارات المتطرفة والمتشددة والإرهابية. الثقافة ليست من أولوياتنا ولا نعتبرها رافعة للتنمية (انظر ميزانيتها في التدبير الحكومي، وحالتها في دور الثقافة والمكتبات والمسارح والمتاحف والآثار ودور السينما و"المركبات الثقافية"... ومكانتها في مؤسساتنا التعليمية والحزبية والجماعاتية والمقاولاتية والإعلامية [قارن مثلا، بين الحيز الذي يخصص لكل من الثقافة والرياضة في صفحات الجرائد الورقية وبرامج القنوات التلفزية الوطنية، هذه الأخيرة التي، عوض أن تسهم في تربية وتثقيف وتكوين وتوعية المواطن، إلى جانب إخباره وإمتاعه، تركز، في معظم برامجها، على الترفيه والإشهار وفرجة الكرة والنجوم وتسويق "الإنتاجات" التسطيحية الرديئة... ] وحتى في الأسر [الاهتمام الكبير بأدوات وتجهيزات المطبخ وأثاث الصالونات وغياب المكتبات في منازلنا (أو ندرتها)، وبالتالي الوضع الكارثي للكتاب والقراءة في بلادنا]... ناهيك عن وضعيتها (الثقافة) البئيسة أو الغائبة في العالم القروي).
ما يعطي لهذا القطاع بعض الوهج ويسمه بالحيوية النسبية، هي الجهود الفردية للمثقفين والمفكرين والمبدعين والكتاب والفنانين المغاربة أنفسهم، وكذا تنظيماتهم في المجتمع المدني.

ـ الشبيبة والرياضة. هذا القطاع أيضا مهمش وغير معدود من القطاعت الإستراتيجية في بلادنا، رغم أنه يهم تأطير شريحة عريضة وحيوية من الساكنة، شريحة الشباب رمز مستقبل البلاد. من مظاهر فقر هذا القطاع، الخصاص المهول في دور الشباب و عدم كفاية أنشطتها وعجزها عن تغطية كل التراب الوطني، وبالتالي عدم استفادة أعداد هائلة من الشباب والأطفال من خدماتها. المخيمات الصيفية لا يستفيد منها إلا عدد ضئيل جدا من الأطفال والشباب ولمدد قصيرة جدا (ويبقى ما يقرب من سبعة ملايين طفل وشاب ممدرسين، طيلة كل شهور العطلة الصيفية، دون تأطير، وعرضة لإغراءات ومخاطر الشارع وغيره). هذا بالإضافة إلى النقص في "المركبات الرياضية" والملاعب والنقص في الموارد البشرية المؤهلة... ومشاكل الأندية الرياضية والجامعات في مختلف الرياضات...

ـ الأوقاف والشؤون الإسلامية: رغم الجهود التي بذلت في العشرية الفارطة، في مجال التأهيل الديني، بعد ما عرفه المغرب والعالم من تنامي التشدد والتطرف والإرهاب، فإن القطاع ما زال يشتكي العديد من النقائص. مثلا، على مستوى تأهيل القيمين الدينيين وتكوينهم ومدى إحساسهم بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم، في الإسهام في التربية وتوفير الأمن الروحي للمواطنين، إذا قصرنا الحديث في خطاب الأئمة والوعاظ (الذي يوجه للملايين)، فإننا سنجد أن العديد منهم يفتقر لبيداغوجية وتقنيات وأساليب التواصل. بل منهم من ينسى أن يتوجه إلى المغاربة بشكل عام، فينتصر لفئة منهم ويستعدي فئات أخرى. ومنهم حتى من لا ينضبط لتعليمات الوزارة الوصية (دليل الإمام والخطيب) ويناقض خطابها (في مجال ثوابت الأمة مثلا، أو في مجالات حساسة مثل قضية المرأة والفنون وحقوق الإنسان)...
هذه حال نماذج من القطاعات التي أوكلت إليها مهمة ومسؤولية تعليم وتربية وتكوين وتنشئة الإنسان المواطن. فهل يحس هذا الإنسان أنها تمثل، بالفعل، أوراشا حقيقية جادة في بناء المواطن المتوازن الشخصية، القادر على الابتكار والإبداع والعمل على إرساء أسس التنمية الشاملة؟ هل هناك حرص على التنسيق فيما بينها في التنفيذ المندمج لبرامجها أم أن كل قطاع يشتغل، حين يشتغل، بمعزل عن القطاعات الأخرى؟ أليس هناك تناقض وتضارب بين خطاباتها وخططها (هل يشعر المواطن مثلا، بالانسجام والتناغم بين خطاب المدرسة والتلفزيون والنادي والمسجد والجمعية والأسرة)؟ باختصار، هل لدينا مشروع مجتمعي متكامل متوافق حوله ، تسعى كل القطاعات لتحقيقه؟ هل لدينا مشروع حقيقي لبناء الإنسان؟