هل أتاك نبأ هدهد بلمختار إذ جاءه بخبر يقين، حين وجد قوما في المدارس المغربية يربون ويعلمون أبناءهم وبناتهم ولا يفلحون في أن يكون هؤلاء قادرين على القراءة والكتابة في السنوات الأربع من ولوجهم المدرسة، دون احتساب سنتين من التعليم الأولي، وهو ما لم يأت به هدهد الوزير، ولم يرد في الحسبان، فبأي آلاء ربكما تكذبان؟
فقد أثارت الخرجة الإعلامية والندوة الصحفية التي قدمها وزير التربية الوطنية والتكوين المهني الكثير من الاستغراب، وأسالت الكثير من اللعاب، ودفعت الإعلام الرسمي إلى اتخاذها مادة دسمة لبرامجها المتحاملة منذ الأزل على المدرِّس والمدْرسة أو الفعل درس ومشتقاته. والتي اختلط عليها الدرس بين البيادر والمدارس. فما جاء به هدهد الوزير من الخبر اليقين، يؤكد فشل الاستراتيجية التي تبناها الوزير منذ كان على رأس الوزارة في التسعينيات، فهؤلاء المعلمون والأساتذه الذين يحملهم الوزير مسؤولية فقدان المدرسة المغربية هيبتها وقدرتها على تكوين مواطن صالح قادرة على تمييز حرف النون من الهلال والتمكن من قراءتها قراءة سليمة، هم الذين نشأوا في حضن استراتيجية بلمختارـ الوزير، فهل نسي حضرة الوزير أن التعليم الأساسي كان فكرته، وإن لم تكن كذلك فلماذا لم يعلن رفضه أنذاك الاشتغال بتلك السياسة التربوية؟
ويجب على الرأي العام الوطني أن يعلم بأن هذه الحقيقة المطلقة، وإن لم يكن في الحقيقة ما هو مطلق، أن هذا الخبر يرد في كل سنة على وزارة التربية الوطنية ممن يعتبرهم المجتمع بتواطؤ مع المسؤولين الذين يمتطون صهوة الإعلام الرسمي ليتهمون المعلمين والأساتذة يجعلونهم مشجبا يعلق عليه غسيل السياسة التربوية منذ فجر الاستقلال، وذلك من خلال تقارير المجالس التعليمية التي ينبها إليها أساتذة كل مادة. وأدعو الوزارة أن تنشر نموذجا واحدا لتقرير مجلس تعليمي من أية مؤسسة تعليمية من طنجة إلى الكويرة، ليرأى الرأي العام بأن هذا المشكلة ليست وليدة اللحظة، ولا طفرة علوم الطبيعة. ثم إن اتهام المدرسين بكونهم المتحملين لمسؤولية الفشل كما أشار إلى ذلك وزراء التعليم قبل بلمختار وغيره، باطل أريد به باطل، لأن المعلمين والأساتذة مجرد أدوات تنفيذ البرامج والمناهج والبيداغةجيات والسياسة التربوية بالمطلقة ولا أكثر من ذلك ولا أدنى. ثم إذا كان التلميذ "كايخرف" فالمدرس والمدير والمفتش والمكوِّن والنائب ومدير الأكاديمية والوزير والآباء جميعا " كايخرفو"، مادام الجهد الذي تبذله هذه السلسلة الغذائية يذهب سدى ولا يفي بالمطلوب بأن يكون التلميذ المغربي يميز جوامع الكلِم قبل السنة الرابعة من ولوجه أبواب المدرسة المغربية، أو بالأحرى السنة السادسة باحتساب سنتي التعليم الأولي الذي فشلت الوزارة في تعميمه، رغم الإرجاءات والتأجيلات.
إذا فشل السياسي في سياسته أو المسوؤل في نزاهته وحكامته، أو الأب في أسرته، أو المواطن في حياته بشكل عام، فإن الفشل يُرد إلى المدرسة التي لم تستطع أن تعلمهم مبادئ الأخلاق وتربيهم على تنشئة اجتماعية مؤهِّلة لتحمل تلك المسؤوليات، والالتزام بالنزاهة والحكانة والرعاية للرعية والاندماج في الحياة. لأقول في الختم بأن غياب الإرادة الحقيقية والصادقة في الإصلاح.