نشطت في المدة الأخيرة حملة إعلامية مكثفة، تهدف إلى تسويق صورة سلبية عن الوضع داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وهكذا، انبرت بعض المنابر (الورقية منها والإليكترونية) إلى تضخيم بعض المبادرات غير التنظيمية لتجعل منها ما يوحي بأن الوضع داخل الاتحاد كارثي. بالإضافة إلى ذلك، فقد راحت هذه المنابر تنسج حكايات وتختلق وقائع وأحداث، تُقحم فيها بعض الوجوه الاتحادية المعروفة، في محاولة منها بث الشكوك في نفوس المناضلين وزعزعة ثقتهم بحزبهم.

صحيح أن هذا الأمر ليس جديدا. فقد دأبت بعض المنابر الإعلامية، وبالأخص التي تدعي الاستقلالية، على الافتراء على الاتحاد الاشتراكي. وبعد نجاح التمرين الديمقراطي الذي عرفه المؤتمر الوطني التاسع للحزب، زادت هذه المنابر من عدوانيتها على الاتحاد وقادته. وقد كانت لي، شخصيا، وقفة مع البعض منها، سواء في تناولها المغرض لأشغال المؤتمر (انظر، مثلا، "احتراف التلفيق باسم التحقيق: الملف الأسبوعي لجريدة 'المساء' نموذجا!") أو في محاولتها التنقيص من قيمة الأحداث التي يصنعها الاتحاد (انظر، مثلا، "التعامل البليد مع حدث سياسي من صنع حزب تليد: موقع “لكم” نموذجا").
لكن في المدة الأخيرة، ارتفعت الوثيرة وأُدخلت عليها "تحسينات" في الإخراج وفي منسوب الاختلاق والافتراء والكذب، ربما بسبب قرب الانتخابات وبسبب الحدث السياسي غير المسبوق في تاريخ أحزاب الحركة الوطنية؛ وأعني بذلك اللقاء الوطني الذي جمع مسؤولي حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي على الصعيد الوطني والجهوي والإقليمي والقطاعي؛ وذلك يوم السبت 27 شتنبر 2014 بمقر حزب الاستقلال بباب الأحد بالرباط.

ومن الملاحظ (بل من المفارق) أن هذا اللقاء لم يحظ بما يستحقه من الاهتمام من طرف ما يسمى بالصحافة المستقلة، سواء في صيغتها الورقية أو الإليكترونية، رغم أنه يتعلق بحدث سياسي من صنع حزبين معارضين كبيرين ويتم لأول مرة في تاريخ العمل المشترك بينهما؛ إذ التنسيق داخل الكتلة الديمقراطية (وقبلها الكتلة الوطنية) لم يكن يتجاوز الجهازين التنفيذيين للحزبين.

لا نريد أن نجعل من نظرية المؤامرة وسيلة منهجية، نؤطر بها محاولاتنا لفهم ما يجري داخل الاتحاد الاشتراكي (وعلى الأصح ما يجري على هوامشه). لكن، من الصعب أن يقنعنا أحد ببراءة هذه الحملة أو بمهنية وموضوعية المنخرطين فيها.

ونحن الآن لا نتحدث إلا عن الحملة الإعلامية ضد قيادة الاتحاد الاشتراكي ولا نتحدث عن بعض المبادرات التي يحركها إخوان لنا لهذا السبب أو ذاك والتي تتخذها المنابر الإعلامية المشبوهة ذريعة للهجوم على الاتحاد الاشتراكي لتفريغ غلها وحقدها على رجالاته ونسائه.

يبدو أن الحركية التي يعرفها الاتحاد الاشتراكي، لم تنظر إليها بعض الجهات بعين الرضا. وهذه الجهات، لها مصلحة في أن يظل الاتحاد مفككا ومشلولا؛ لذلك، اشتد وطيس الحملة على القيادة الجديدة التي تعمل على استعادة المبادرة والعودة إلى المجتمع والالتحام بالقوات الشعبية.

لا شك أن الجهات التي لها المصلحة في أن لا يستعيد الاتحاد قوته متعددة؛ فمنها بعض الأجهزة في الدولة؛ وبالأخص تلك التي تمثل المخزن العتيق؛ ومنها جهات سياسية، بمن فيها تلك التي تحظى بدعم الدولة وتلك التي ترى في مشروعه المجتمعي القائم على الحداثة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، تهديدا لمشروعها الإيديولوجي... إننا لا نرى في الهجمة الممنهجة على قيادة الاتحاد الاشتراكي من هدف سوى التشويش على هذه الحركية التي بدأت تعطي ثمارها.

فأن تنجح القيادة في إدماج حزبين من العائلة الاتحادية في الحزب الأم وأن تعيد الحيوية للتحالف الاستراتيجي مع حزب الاستقلال؛ وأن تكسر الحاجز النفسي بزيارتها لمقر الاتحاد المغربي للشغل؛ تلك الزيارة التي أسست للتنسيق النقابي وأعطت زخما حقيقيا للجبهة الاجتماعية ؛ وأن تطلق مبادرات نضالية وتنظيمية (المؤتمرات الإقليمية والقطاعية، كمثال)، افتقدها الاتحاد منذ أن انخرط في مجال التدبير العمومي؛ أن تقوم هذه القيادة بكل هذا وغيره، جعل كل الذين تلتقي مصالحهم في أن يظل الاتحاد مشلولا وجامدا، وإن اختلفت دوافعهم، يتوحدون في محاولة النيل من هذه القيادة والتأثير على حيويتها.

وبما أن التحامل والغل والحقد والضغينة (إما على الأشخاص، وعلى الأصح، شخص الكاتب الأول، أو على التاريخ النضالي للحزب)، هو الذي يحرك هذه الجهات، أفرادا وأجهزة، التي تنقم على حزب المهدي وعمر وعبد الرحيم وغيرهم، فإنهم لا يتورعون عن استعمال كل أنواع التضليل والكذب والافتراء.

وتنويرا للرأي العام الاتحادي (وغير الاتحادي)، أود فقط أن أشير إلى إحدى مؤسسات الحزب التي يمكن اعتبارها "تيرمومترا" لما هو عليه الحزب محليا ووطنيا. وأقصد، هنا، مؤسسة كتاب الجهات والأقاليم. وبما أن مناضلي مكناس شرفوني وكلفوني، من خلال مؤتمرهم الأخير، لتمثيلهم في هذه المؤسسة، فإني أبلغهم (ومن خلالهم أبلغ كل اتحادي يتحسر على وضعية حزبه بسبب ما يسمعه أو يقرأه من مغالطات كيدية) بأن جسم الاتحاد سليم. فالنقاش الذي تعرفه هذه المؤسسة والصراحة التي يتميز بها هذا النقاش والتفاعل الإيجابي مع القيادة الوطنية للحزب وقراراتها؛ كل هذا يكذب ما تروجه بعض المنابر الإعلامية المشبوهة (بتضخيم بعض الجزئيات والركوب على المغالطات) حول الأزمة الداخلية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المعروف دوما، بحدة النقاشات التي تدور في مؤسساته التقريرية والتنفيذية...