رسالة لك يا سيدي أخطها نيابة عن العديد من النساء, بكل صدق ملئت حروفها و لك ولمجتمعي المتخلف أوجهها, فمتى ستنتهي مأساة ليلية الدخلة في هذا الوطن ؟ ومتى سيفهم أفراده بأن البكارة ليست فيضان دم يسيل ؟ متى ستفهمون بأن هذا الغشاء ليس نوعا واحدا ؟ و بأنه أنواع , بعضها المطاطي واللين اللذان لا تسيل معهما أي نقطة دم, لا بد أن تفهم يا سيدي الفاضل أنهن كثيرات عفيفات صالحات ولدن بدون غشاء بكارة وليس العيب في هذا لكن العيب أنهن ولدن مع أمثالك في مجتمع مثل هذا يربط الصلاح بقطرات دم, عادة لا يقبلها العقل ولا علاقة لها بالعلم.
تبحثون عن الطاهرة العفيفة التي لم تراها عين ولم تلمسها يد, ورائحة لياليكم الحمراء تفوح من بعيد,سرا وعلانية هي حلال سهراتكم , فأنتم السيوف التي لا تتسخ بالزنا, ويبقى السؤال أين الآية الكريمة من حالكم "الزاني لا ينكح إلا زانية", أه نسيت, نسيت أنك يا سيدي لا تتذكر الشرع إلا ليلة دخلتك فتبحث بموجبه عن عفاف زوجتك , وتتذكر بعد حين حينما تنوي إضافة الثانية والثالثة والرابعة إلى قائمة عفيفاتك.
عفوا سيدي فالطهارة في قاموسك مغلوطة تستدعي التدخل السريع لإصلاحها منذ سنين,لكن العيب الحقيقي ليس منك بل العيب من مجتمع بأكمله خلق أفكارك, بنسائه قبل رجاله, نعم فحينما سمحت لك أمك بأن تمارس مغامراتك الحافلة وهي تفتخر برجولتك , وفي نفس الوقت أقفلت الباب على أختك وأحاطتها بالكثير من التربصات, باركت لك يوم زفافك وأعطتك أخر الوصايا , وحضرتك من أن تتلاعب بك العروس أو أن تخدعك , فشجعتك على أفكار خاطئة, تناست بأنها امرأة مثلها.
كفى عبثا, كفى تخريفا , طهروا عقولكم, طهروا أفكاركم, اغسلوا نفسكم من جهل تقاليد وأعراف لا علاقة لها بالمنطق ,كيف يبارك المجتمع قتل النساء وتطليقهن وتعنيفهن جسديا ومعنويا, لا لشيء سوى لأن قدرهن في هذه الحياة كتب لهن نوعا معين من البكارة ليس مألوفا, أو أن يولدن بدونه,كيف يعاقبن بجريمة لم يرتكبنهن؟ ما هذا الجنون ؟ترموهن بالفاحشة وأنتم أسيادها ؟أم أنكم تحفظون الآية ناقصتا كلمة, يقول تعالى "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة"سوى بينكم الإسلام في العقوبة, لكن أنت سيدي ترفع السوط ولا يرفع عليك.
اعذرني سيدي لفضولي لكن سؤال داخلي لطالما حيرني وشتت أفكاري, لماذا يا ترى لا تبحث عن عفة الزوجة وطهارتها عندما تكون العروس بجنسية غربية,أم أن أجنحة العالم الأخر تمحوا أمام عينك تلك الطهارة والعفة, ولأنك بالتأكيد تعلم كم ستكون اللائحة طويلة والصدمة كبيرة فإنك تتحاشى السؤال والبحث في المذكرات , سوط الجلاد فيك يا وطني لا يرفع إلا أمام بنت بلدي, أما الأوربية أو الأمريكية فجنسيتها و خضر عيناها تمحو لها كل قصص الغرام السابقة , يتلاشى هوس البحث عن دم الغشاء أما البحث عن رخصة الهجرة , ويتناسى الرجل رجولته مروءته لفائدة السيارة والجنسية , كم أنت شهم يا سيدي العربي .
تريدها لك" مريمية " وأنت تعلم بأنك زير سالم في أوج شبابه ,كفى تناقضا يا سيدي وانحني لمرة واحدة أمام المنطق وقواعد العقل, استوعب لمرة واحدة معنى غشاء البكارة فليس بالضرورة يا سيدي تلك القطرات من الدم هي الدليل القاطع على الشرف ,فكم سار سهلا خداعك بترقيع سهل لهذا الغشاء, لكن المستحيل هو ترقيع العقلية الممزقة بأفكار ملوثة وتقاليد وأعراف ظلمتك قبل أن تظلم عروسك فربما تخليت عن سيدة قلبك بسبب جهلك .
صن نفسك سيدي وكن لها يوسفيا قبل وبعد زواجك تكون لك بتولا ,لا تحجز نفسك بين أقاويل لا معنى لها في العلم ,أما أنت يا مجتمعي بكل أفراده أقول لك رسالة واحدة "كفى تخلفا", كفى تميزا بين الفتى والفتاة في التربية ,ربي ابنك على العفة قبل ابنتك, وساوي بينهما في تلقين المبادئ.حرروا تلك الطفلة المراهقة الشابة من شبح البكارة التي يزرع معها منذ يوم ولادتها,كيف تجعلون حياتها ليلة واحدة ,وتظلمونها بذنب لم ترتكبه , فقط لأن نوع غشاء بكارتها لم يرقكم , لا تجعلوا ماء وجهها معلقا بتلك القطرات فهو أسمى بذلك بكثير .في الحقيقة هذا الشبح الملعون لا يفارقك يا سيدتي حتى بعد تلك الليلة الملعونة بل يصاحبك بعد ذلك , فمعاناتها وخوفها تورثها مباشرة لبناتها وتصير بذلك القصة قصتين ,والشبح شبحين والخوف خوفين وهكذا دواليك ومتى يكون الفرج؟ .
أصعب تغيير هو أن تغير مفاهيم ومبادئ قدستها أجيال بعد أجيال ومجدتها كما لو أنها آيات لا تقبل النقاش ,و ليس التغير يهم الفئات الأمية فكم من رجل يحمل شهادة عالية وداخله جاهل ,كم سنة سنحتاج حتى نزحزح هذا الجبل الشامخ من مكانه ونحرر قيود المجتمع من هذه الترهات ؟ كم يا تحتاج يا سيدي لتفهم بأن قطرات الدم ليست عنوانا للطهارة؟ متى سيأتي الزمان الذي يحاسب فيه الرجل عن عذريته كما تحاسب المرأة ؟ ويدنس شرفه كما يدنس شرف المرأة؟ ويعنف جسديا ومعنويا بسبب عدم عفته,ويهجره المجتمع وتنفره النساء لأنه لم يحافظ على نقائه؟ ربما هو حلم ,لكنه يحاكي المنطق أكثر من ما هو موجود الآن.