موت العرب, أو موت نفوس العرب بالأحرى, كنا أسياد عصرنا, وفضلنا الله عن سائر الشعوب وخصنا بخاتم الأنبياء والرسل, ورفع شأن "ضادنا " فجعل حروفها آيات للفرقان , عظم من أمرنا فجعلنا أمة الشهادة يوم الدين.نعم إنها الأمة الإسلامية العربية, التي قاتلت في سبيل الله مئات السنين, ولم يسترخص آبائنا الأولين في سبيل هذا الدين دما ولا مالا ولا ولدا ولم يسموا شيئا بالغالي في مقابل نشر رسالة القران الكريم, نعم إنهم نحن حفدة ذبيح الله إسماعيل ورثة الخلفاء الراشدين, إنهم نحن العرب, أصحاب الكرامة والشهامة والخلق العظيم , من دخل بيتهم فهو في حماهم إلى أخر نقطة دم تسيل, عرب الرجال الذين لا يخشون الجبال , عرب المروءة التي تقود الحروب, أجل هؤلاء هم العرب. لكن , "ل" , "ك" ,"ن" ثلاث حروف مسحت بسهولة كل سابقاتها , وفتحت الباب أمام النسيان ليمزق كل الكلمات قبلها , وبسهولة نطق الثلاث حروف و وبسرعة نطقنها , استسهل العرب بيع كل تلك الكرامة والشهامة, وأسرعوا لشراء ثياب الذل والإهانة.
إنهم نحن الحفدة العاقين , العاصين , الجاحدين , المذنبين , البائعين لأنفسنا من أجل المال الملعون , والسيادة المغشوشة , والوجاهة الكاذبة , فالويل كل الويل لحفدة دنسوا قبور أجدادهم الشرفاء , بكؤوس خمر مع الأعداء.
ماذا تراك تقول عنا يا سيد البشر في مقامك الأعلى بين النبيين والشهداء ؟؟ , تباهيت بأسلافنا وشكرت الله قوة أجدادنا , فماذا تراك الآن تقول عنا و نحن من بادل القوة بالضعف ؟؟ وهل من الممكن أن تشفع لنا بعد كل هذا ؟؟؟ نحن الأمة التي خرقت كل القوانين الإنسانية, ولم تعبئ بأي حرف من حروف الرحمة الإسلامية, نحن من يقتل بعضنا بعض ليل نهار صباح مساء بدون فواصل ولا تعب, كل هذا من أجل زينة هذه الدنيا الفانية, نحن من استبدلنا الحرب مع الأعداء إلى الحرب مع الأحباب , وجعلنا رقاب إخواننا من دمنا ولحمنا وطينتنا تحت سيوفنا, نذبحها بدم بارد دون تردد , نحن من مد يد المحبة والتسامح والشورى والتعاون إلى الكفار , ورفع راية الحرب والقتال, وإزهاق الأرواح في وجه بعضنا البعض, ليس لأن بعضنا خرج عن دين الله, بل لأننا جميعا ارتددنا عن دين الله واعتنقنا دين المصلحة الشخصية الدنيوية , دين الطمع والجشع .
إنهم نحن, العرب يا سادة , بدون شك لا يليق بنا هذا الإسم الذي حمله الصديق وبن الخطاب وبن عفان وبن أبي طالب وبن الوليد وغيرهم الكثير من المشرفين لهذا الاسم , أما نحن فعبثا نحمله وظلما نلقب به.
كيف نكون عربا من سلالتهم ؟ ولا معنى للصدق في خطاباتنا , ولا أثر للعدل في أحكامنا , وليس هنالك وجه من أوجه الشهامة في أخلاقنا ولا وجود للشجاعة الحقيقة في حروبنا . حروبنا ؟؟ كيف نسميها حروبا وهي مهزلة التاريخ ؟؟ الحرب إن كانت تكون مع طرف أخر مع ضفة أخرى , لكن حروبنا صارت بطرف واحد , العرب يقتلون العرب , العرب ييتمون أبناء العرب , العرب يرملون نساء العرب , العرب يمزقون أجساد العرب , العرب يسترخصون أرواح بعضهم البعض ويقيمون الحفلات مساء للاحتفال بالنصرة على العرب, بقائمة مدعوين يمقتون العرب , غرباء هم عنهم راقصوهم احتفالا وسقوهم نخب قتل الأقرباء .تبا لك يا عروبة هذا الزمان صرت أضحوكة الجماهير الغربية ومسلسل التشويق على القنوات اليهودية.
كنا نأسف على حال الفلسطينيين ونبكي معهم شهدائهم وندعو الله أن يشتت أعدائنا وأعدائهم , لكن اليوم تبعثرت الأوراق أمامنا ,احترنا مع من ندعو وعلى من ندعو ؟ , من هو صديقنا ومن هو عدونا ؟ من هو الظالم ومن هو المظلوم ؟ هذا عربي ولأخر أيضا عربي . ترهقني أمي بسؤالها من الخير ومن الشرير؟ أماه لا اعرف الإجابة أنا أيضا فكلهم عرب, انتهت حرب اليهود والمسلمين وحلت مكانها هذه الكارثة.
ليبيا , اليمن , مصر , سوريا , كلهم عرب قتل بعضهم البعض الأخر بلا رحمة ولا شفقة , أين كانت يا ترى هذه القوة والبطش عندما كان اليهود يسفكون دماء المسلمين ويدنسون ثالث الحرمين , لكن أضن أن مخالب العرب لا ترفع إلى فوجه العرب و أنياب العرب لا تبرز إلى لنهش لحم العرب.
أي طاعون هذا الذي أصاب أرواحنا فآماتها في يومها , أي مصيبة هذه التي حلت على أنفسنا فجعلتنا أدلاء للأعداء و أشداء على الأحباب .هي موتة واحدة إذا تصيب النفوس قبل الأجساد , وقد أصابت نفوسنا , ولم يبقى لنا سوى أن نحفر بأيدينا قبورا لأجساد ماتت أرواحها.