تقديم لابد منه :

من عادتي كلما كتبت موضوعا معينا بقصد النشر ألا ألتفت إلى الوراء، و أن لا اكترت إلى ما يمكن أن يخلفه من أثر، أو ما يمكن أن ينتج عنه من نتائج .
و من عادتي أيضا ألا أهتم بمعرفة أراء القراء حول ما اكتب، ليس ذلك انتقاصا من شان القارئ، ولكن لإيماني العميق بأن للقارئ الحق في أن يكون متفقا أو مختلفا .

بيد أن ما لاحظته، هو أنني كلما كتبت موضوعا نقديا حول منطقة بوعنان بإقليم فجيج ، لإثارة واقع التهميش أو فضح بعض الخروقات التي ترتكبها السلطة المحلية أو جهات أخرى ، إلا وينبري شخص معروف لدى الخاص والعام بالبلدة للرد على ما اكتب، ويوقع ردوده على كتاباتي بصفة فاعل نقابي وجمعوي .

من أدبيات الصحافة أن الجهة المعنية بالنقد، هي التي من صلاحيتها تقديم توضيحات أو الإدلاء ببيانات الحقيقة لتفنيد ما تراه أكاذيب ومغالطات ، لكن بالنسبة للمقالات حول بوعنان تحديدا ، فان هذا الشخص المدفوع الأجر أو (كاري حنكو ) كما يقول المغاربة بالدارجة هو من يرد .

انه يقوم بالرد بالوكالة حينما تطلب منه الجهات المعلومة ذلك بواسطة أداة التحكم عن بعد، ويتم مده بالمعطيات التي يجب أن توظف في الردود .
في هذا المقال سأرد على ردود هذا الشخص تنويرا للرأي العام الوطني، لان استمراري في تجاهله ربما قد يجعل البعض يعتقد بمصداقية ردوده .
و سأركز في هذا المقال على واقعتين ، وأترك للقارئ اللبيب حق الحكم ، مع العلم أن أهل بوعنان يميزون بين من يناضل إلى ، جانبهم للدفاع عن حقوقهم مهما يكلف ذلك من تضحيات ، ومن لا هم له سوى الاسترزاق والعمل الجمعوي المشبوه لمراكمة الثروات .
كما أن أهل بوعنان يميزون بحسهم النقدي بين من يختار النضال ويمارسه عن قناعة، ومن يتطفل عليه ويجعله وسيلة للتملق والتسلق .

الواقعة الأولى :
منذ سنتين تقريبا وبعد تأسيس فرع للنقابة الوطنية للطاقة والمعادن بمنجم زلمو بجماعة بوعنان في إطار الكونفدرالية الديموقراطية، وبعد معاينة أوضاع العمال ، والوقوف على جملة من الخروقات المنافية لمدونة الشغل وقانون المناجم ، كتبت عدة مقالات ( منجم زلمو او جرمنال القرن 21 - قرية امباج او الدجاجة التي تبيض ذهبا – مطالب عمال كومبار بين البعد الاجتماعي والإنساني ...)تناولت في هذا المقالات التنمية المجهضة بالمنطقة ، والاستغلال والبؤس ، كما تناولت مشاكل ساكنة قرية امباج بخصوص الإنارة والماء الشروب والصحة والتعليم والبيئة وغر ذلك من المشاكل ,
قامت عدة منابر إعلامية مشكورة بنشر هذه المقالات ، فاستحسن سكان المنطقة ذلك وثمنوا المجهودات التي تبدل للتعريف بقضاياهم والدفاع على حقوقهم ورفع التهميش عنهم .
كان الجميع ينتظر توضيحات من المدير العام لشركة كومبار أو من المدير المحلي إلا أن هذا الأمر لم يحدث ، فالإدارة ليست لديها الشجاعة على الرد على ماجاء في المقالات من حقائق دامغة وبالحجج القطعية ، لكن الإدارة فوضت الأمر لأحد مرتزقة العمل النقابي والجمعوي للرد بالنيابة عنها بعد مده بالمعطيات .
في رد هذا الشخص على مقالاتي حول خروقات شركة كومبار لاستغلال معدن الباريتين بامباج اختار الانحياز للشركة ضدا على العمال الذين يدعي بهتانا تمثيلهم والدفاع عنهم .
لقد اعتبر هذا الشخص أوضاع العمال بمنجم زلمو بخير ، فأغلب العمال في نظره يتقاضون أحسن من الموظفين المرتبين في السلاليم العليا في الوظيفة العمومية ، واغلب العمال يمتلكون سيارات خاصة ، واغلب العمال متزوجين بأكثر من زوجة ، بل انه يعرف حتى عد قطع الصابون التي تسلم للعامل كل شهر وهلم جرا .

الواقعة الثانية :
يوم الأحد 2 مارس 2014 عقد عمال منجم زلمو جمعا عاما موسعا بمقر النقابة ببوعنان ، تدارسوا في هذا الجمع ملفهم المطلبي ، وعدم وفاء الشركة بالتزاماتها السابقة ،والتنسيق النقابي ، وخرق مقتضيات مدونة الشغل ، وضرب العمل النقابي من طرف السلطة المحلية عبر تشكيل لجنة تسمى ب " لجنة الحكماء" تضم في عضويتها شيوخا ومقدمين ومستشارين جماعيين ونواب الأراضي السلالية ، هذه اللجنة أصبحت تتدخل في التشغيل والترسيم والطرد ...
إن هذه المبادرة التي أقدمت عليها السلطة المحلية ببوعنان واضحة المقاصد والمرامي ، فهي وسيلة لخلق صراعات هامشية ،و تهدف إلى سحب البساط من تحت أقدام النقابات .
لقد كتبت شخصيا مقالا حول هذا الموضوع واعتبرت تشكيل هذه اللجنة تطاولا على اختصاصات هيئات يحددها الدستور ومدونة الشغل وهي مفتشية الشغل ولجان البحث والمصالحة والقضاء .
من الأعراف الديموقراطية أن الجهات المعنية بالانتقادات ملزمة بالتوضيح ، وبالنسبة لهذه الوافعة فان السلطة المحلية ببوعنان الممثلة في شخص قائد الملحقة هي الملزمة ببيان الحقيقة .
بيد ان السلطة المحلية التزمت الصمت ، ودفعت بدون كيشوط العمل النقابي والجمعوي ببوعنان ليرد محلها ، وأمدته بكل التواريخ والمعطيات ، إلى درجة أن من يقرأ رده على مقالي يعتقد أن هذا الشخص عضوا في اللجنة أو ممكن أن يكون رئيسا لها .
ليس من عادة النقابي بتاتا أن ينبري ضد مصلحة العمال ، وأن يتخندق في الضفة الأخرى للدفاع عن تجاوزات الشركة أو خروقات مختلف الأجهزة المتدخلة في مجال الشغل ، وحتى إن وجدت مثل هذه النماذج ، فهي طفيليات دخيلة على العمل النقابي ، ولغايات في نفس يعقوب .
إن هذا النقابي والجمعوي بين مزدوجتين الذي اصبح مختصا بالوكالة للرد على ما أكتب ، يحاول جاهدا أن يخلق له موقعا في المشهد النقابي والجمعوي بكل الوسائل النظيفة وغير النظيفة ، حتى لو اقتضى الأمر خلق مشاكل وهمية ، ومصارعة خصوم وهميين .
إن مشاكل بوعنان لا حصر لها ، وهذا معطى يعرفه الجميع ، فمن الأجدر الكتابة حول هذه المشاكل ، لإثارة انتباه من يهمهم الأمر ، لرفع التهميش وتحسين اوضاع الساكنة .

تحديات :
ان الكتابة ممارسة تستوجب الصدق والمصداقية ، وهو ما يجرني إلى القول بأن هناك مشاكل فعلية تعيشها بوعنان ومنطقة امباج ، يجب طرحها من طرف كل مهتم بجرأة وشجاعة ، خاصة من طرف المهتم الذي له المصلحة في التغيير ، كما أن هناك عدة تحديات يجب أن يطرحها كل من يريد الكتابة حول المنطقة ، وهذه التحديات هي كالأتي :
- ما هي الجمعيات التي تستفيد من الريع الجمعوي و تتوسل الصدقات من شركة كومابار لتوزيعه على الاعضاء المسيرين ؟
- من يستفيد من قطع الغيار والمحروقات وزيوت الشركة وحتى وسائل نقل الشركة لجلب المواد المحجوزة من الجمارك من أغطية ومواد غذائية نجهل مصيرها ؟
- من سيدافع عن قرية امباج حينما ينفذ الاحتياطي من معدن الباريتين وتترك الشركة للسكان جملة من المشاكل : بيئة ملوثة وارض غير صالحة وانعدام لفرص الشغل وأمراض مزمنة ...؟
- من سيكشف خروقات شركات المناولة العاملة بالمنجم والتي تستغل العمال / العطاشة أبشع استغلال ؟
-من سيدافع عن سكان قرية امباج وسكان بلدة بوعنان ليكون لهم الحق كباقي سكان المغرب ا في المستوصف والطبيب وسيارة الإسعاف والشغل القار والأستاذ و القسم الدراسي والماء الصالح للشرب ...؟
- من سيناضل من اجل تمتع أبناء المنطقة بحقوقهم في شموليتها وخاصة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية : الصحة – التعليم – السكن – الماء الصالح للشرب – العيش الكريم ؟
- من سيعمل على تأطير أبناء المنطقة ويعمل على الرفع من وعيهم في جميع المجالات ؟
- من سيناضل من اجل رفع التهميش والفقر والظلم والجهل والأمية ؟
- لماذا لا تستفيد قبيلة أولاد الناصر من عائدات كراء الأرض السلالية للشركة منذ 1979 ؟ ما هو الثمن الحقيقي لكراء الأرض للشركة ؟ من هم أصحاب الحقوق ؟ من يستفيد من هذه العائدات ؟
- لماذا نجحت السلطات المحلية في جمع نواب الأراضي في" لجنة الحكماء" ولم تستطع جمعهم فيما يخص الاستفادة من عائدة كراء الأرض التي تقدر بالملايين والتي من الممكن أن تساهم في تنمية قرية امباج وجماعة بوعنان ؟
هناك أسئلة كثيرة يمكن أن نطرحها على المهتمين الحقيقيين ، لكن اكتفيت بالقليل منها تجنبا للأطناب والإطالة على القارئ .

على سبيل الختم :
إن المؤهلين لموجهة هذه التحديات المعروضة أعلاه ، هم أبناء وبنات المنطقة المخلصين والمخلصات قولا وعملا ، أبناء وبنات المنطقة الذين اختاروا درب النضال و التضحية بفناعات راسخة ،وبمبادئ ثابتة ، بعيدا على الانتهازية والانتفاع الشخصي .


وللموضوع تتمة .