تعد المرحلة الراهنة التي تمر منها مدينة تنغير ثورة حقيقية نحو التغيير، فمعطيات الواقع ومنتجاته تختلف كليا عما كانت عليه من ذي قبل، فلم يبق لواقعنا المعاصر صلة حضارية بما مضى واندثر إلا من خلال الوقوف على الكثير من التخبيطات والتخليطات التي تتمظهر على مستوى سوء التدبير الإداري لبعض مؤسسات المجتمع المدني.
وأمام هذه الحالة من عدم التواصل المنهجي والتكاملي بين المعتمدين على نمط معين في تدبير هذه المؤسسات والدينامية الواقعية المتطورة، بدأت تتشكل طاقات شبابية جمعوية تستلهم في حاضرها كل مقومات البنيوية والتغيير الاستراتيجي الحضاري، وترتبط آليا بالمنتجات العلمية/العملية الفعالة، وتتحول تدريجيا نحو حراك مجتمعي/ جمعوي صلب يعتمد من بين ما يعتمد على معدات ميكانيكية، وبرامج متطورة حاسوبية/إلكترونية، ونمطا فكريا وثقافيا حديثا يقف حجر عثرة أمام النمط الفكري الكلاسيكي في تدبير هذه المؤسسات، مع تركيزه على قيم العمل الجاد والطموح الذي يُرَغّبُ في النمو العمراني، كما أنه يشدد على أن قيمة الوعي بالعمران الحضاري والبناء الفكري خطوتان أساسيتان لتغيير وتصحيح أنماط هذا التدبير الإداري التقليداني/الفوضوي.
في مقابل هذه الدينامية الشبابية التغييرية، تفشت في أوساط القابعين على رقعة التدبير الإداري الكلاسيكي ــ "فدرالية الجمعيات التنموية نموذجا" وعلاقتها الجدلية/ الربحية بـ "المركب الاجتماعي التربوي" ــ أغلوطة منطقية أو مغالطات يمكن أن أطلق عليها مغالطة الثنائيات، مفادها أن تُعْرَضَ مواقف الشباب الجمعوي على أنها اختيار بين نتيجتين لا ثالث لهما، على أن يدور الجدل بين الطرفين كل يسعى إلى إثبات حجته وإفحام خصمه.
هذه المغالطات الثنائية ــ من وجهة نظري ــ من شأنها أن تنتج ــ وهو الحاصل ــ جمودا في المواقف المتجاذبة تبتعد كل البعد عن منهجية الجمع بين وجهات النظر المتنوعة، ما يحد من مرونة الرغبة في الاعتراف بالمغالطات وتحيين المطالب الشبابية التغييرية، كما تعبر عن عدم قدرة المسؤولين عن هذه المؤسسات على التكيف مع تغير الظروف والأحوال.
الداعي الأساس من إيراد هذا الموضوع هو بيان دور الشباب الجمعوي التنغيري في منظومة الإصلاح والتغيير المبين لطريق العمل الصحيح، من خلال إدراكه لطبيعة التغيير وفهمه لمجالات الإصلاح المنشود والتدبير الإداري الحضاري المطلوب لمؤسساته التي لابد أن تتفق والظروف التي يعيشها المجتمع التنغيري الراهن.
فكل ما ذكر ليس إلا مقدمة أو تمهيدا لما سيأتي في اللاحق من الأيام، وأنا على يقين أن الكثير من المداد سيسيل لكشف الخروقات والتجاوزات التي تتخبط فيها تلك المؤسسات عسى أن تجد آذانا صاغية وعقولا واعية تنهض بمبدأ التغيير وتحسين جودة الخدمات والتدابير الإدارية التي تتساوق ومطالب الشباب.