من داخل بيت الصحافة بطنجة، أعلنها رئيس الحكومة قائلا لو تم "إصلاح نظام التقاعد"منذ 2013 على حساب الموظفين البسطاء سوف لن تخسر الدولة 10 مليار درهم، متجاهلاأن الإصلاح يبدأ من الاستجابة للمطالب الشعبية الرافضة للمعاشات الممنوحة للبرلمانيين وللوزراء الذين اعتبروها"جوج فرنك"، ولن يسدرمقهم بعد انتهاء مدة الولاية الانتخابية،لأنهم معرضون بعدها للتشرد في الأزقة والشوارع، ولا أحد يتضامن معهم بعد ترك المناصب والكراسي.
ومن داخل قبة البرلمان،كذلك طلب رئيس الحكومة من النقابات ونواب الأمة بالتصويت على إصراره الانفرادي"لإصلاح نظام التقاعد"، مهما كلفه الثمن السياسي لهذه الخطوة المحفوفة بالمخاطر متحدياالتصويت العقابي في الاستحقاقات التشريعية المقبلة، ودون الانتباه إلى أن الإصلاح المنشود يبدأ أولا من سد وإصلاح تسربات "تويو"قنوات صندوق التقاعد المرتبطة بــ” جوج فرانك ” التي لايوجد أي أساس قانوني لصرفها،و لاسيما في مرحلة ترفع فيها الحكومة شعار خفيف على اللسان وثقيل في الأجرأة والتفعيل "محاربة الفساد والاستبداد والريع و..."،ولعل التفسير الذي قدمته الحكومةهو أن هذا المعاش كان موجودا من قبل وليس بالشيء الجديد وهذا ما وجدنا عليه الحكومات السابقة وهي كذلك لا تطارد الساحرات، وهنا أقول أن الالتفاف بعرق جبين وصمام أمان عيشالموظفين البسطاء أيضا شيء جديد عليهم ويجب عدم الاجهاز عليه وعلىمكتسباتهم.
وما يوضح طغيان المصلحة الشخصية على المصلحة العامةهو قبولالبرلمانيين والوزراءأنفسهم تسلمتعويضات انتهت قانونيتها بمجرد نهاية ولايتهم الانتخابية التمثيلية،كما أن المعارضة التي فضلت الصمت عنطرح الموضوع للنقاشالعمومي يؤدي بها الأمر إلى تموضعها في خانة التواطؤ، لذلكيجب أن تقوم بدورها التشريعيللنبش في مدى أحقية ضخ هذه الأموال في جيوبهم، وطرحها لهذا الموضوع للنقاش في البرلمان،ونقله على المباشر للرأي العام ليقيمطبيعة مرافعات ممثليه ويتلمس الحدود الفاصلة للسياسوي بين مصلحته الشخصية والمصلحة العامة للوطن التي تتطلب التحلي بصفة النزاهة والاستقامة والايمان بثقافة مزدوجة الواجب والحق والآجر مقابل العمل. لكن المواقف واضحة من خلال اجماعهمللإبقاء على تقاعدهم على الرغم من اعلان بعضهم التخلي عنه، واستفزاز آخرون لمشاعر البسطاء من خلال مقترحات الرفع من قيمته أو التبرع به لجمعيات خيرية لمن لا يرغب فيه، مما يطرح علامات استفهام كبيرة حول طبيعة وجدوى مسرحيات صراع الديكةبين المعارضة والأغلبية الحكوميةوتبادل الاتهاماتفيما بينهما،فهم يختلفون في جميع الأشياء باستثناءراتب معاشهم فهو خط أحمر لا يجب تجاوزه أو فتح نقاش عنه.
في نظري البديل الذي يمكن أن يترافع قضائيا في هذا الموضوع هم هيئات المجتمع المدني المعنية بحماية المال العام،لكي يطالبوا قضائيا رئيس الحكومة بتقديم توضيحات للرأي العام على السند والمبرر القانوني لمعاش تقاعد البرلمانيين والوزراء، الذي سيستفيد منه بعضهموهم لازالوا في مرحلة المراهقةالسياسية وفي ريعان شبابهم،وكذا تفسير المبادئ القانونية التي تميز ما بين الولاية الانتخابية والوظيفة العمومية، لسبب بسيط لأن "سنده القانوني" الآن هو "هذا ما وجدنا عليه أباءنا". لذلك لا يمكن أن ينطلق إصلاح نظام التقاعد على حساب جيوب الموظفين البسطاء دون إلغاء تقاعد البرلمانيين والوزراء الموظفين الأشباح وتعويض مقولة عفا الله عما سلف بمن أين لك هذا؟. وفي ختام هذا المقال تبادر إلى ذهني سؤال أريد أن أتقاسمه معكم وهو كالتالي: افتراضا أن هذا المعاش مؤسس له ومرتبط قانونيا بتحمل مسؤولية مهداة من طرف صناديق الاقتراع، فلماذا لم يخصص المشرع المغربي راتب التقاعد والمعاش لجميع المستشارين الجماعيين ورؤساء الجماعات الترابية بعد نهاية ولايتهم؟