زايد جرو - الرشيدية /جديد انفو.
لا حديت هذه الأيام في الشوارع والبيوت ومواقع التواصل الاجتماعي الا عن 'مولات الطرشة' على وزن مولات العشعوش بجرسيف وعلى مقاس مول الحوت، ومول الكاسكيط.. مولات الطرشة التي لوت عنق قائد احدى المقاطعات بصفعة تاريخية بمدينة تمارة.
جميع الذين عايشوا المشهد عن قرب او التتبع عبر الفيديو استنكروا الفعل بغض النظر عن الأسباب والمسببات ،ومعظم التعاليق وقفت ضد السلوك بناء على مرجعية دينية وأخلاقية وتربوية ،مفادها أن المرأة يجب أن تُحتَرم لمكانتها في الأسرة المغربية ،كأم وأخت قبل أن تكون زوجة ،والكل يعطف ويحن لأنها الحنونة والعطوفة، فيها الرقة وفيها الأنوثة والسكن والمسكن ونيل الرضا...
من هذا المنطلق انطلقت رؤية المغاربة للحدث والواقعة، قبل الوقوف على المهنة التي يزاولها الشخص الذي تعرض للصفع ،فهو القائد وهو رجل السلطة وهو ممثل الدولة ،وهو المسؤول عن سلامة المواطنين ،الى جانب آخرين ..به وبأمثاله يهاب الناس الدولة ...
الفعل مشين ومدان اخلاقيا قبل القانون، فلو قام هو بالفعل لكانت المصيبة أكبر بالاعتداء على حرمة النساء ،وإهانة المرأة، واستعمال الشطط واستغلال النفوذ في إهانة المواطن والمواطنة ..والجمعيات الحقوقية ستتحرك وستشتعل النيران، ويكثر الحطب ..
الواقعة بينت أن القائد ضبط نفسه كما يفعل الكثير من رجال الأمن حين الاعتداء عليهم ،وهو سلوك راق وتربية جديدة وقوية لرجال السلطة، لكن الإهانة ثابتة لهبة الدولة ،وسمعة المغرب داخل الوطن وخارجه ،السمعة التي تشتغل عليها قطاعات حكومية كبيرة من تربية وثقافة ورياضة ومجالس ، لإبراز الهوية المغربية المتأصلة المبنية على التسامح ومن اجل كرامة المغرب و المغاربة، لكن للاسف يأتي تدمير هذه القيم وهدمها من الداخل قبل الأعداء بالخارج.
السؤال العريض المطروح على الجميع: ما فائدة النسر دون منقار ولا مخالب ..وما فائدة النسر حين تدفعه عجاف الطير بالمخلب الغض ليعيش ذلَّ السفوح ..ذل المهانة تلحق الموظفين في المؤسسات العمومية و التعليمية والمراكز الاستشفائية ،فحين يهان الموظفون بكلمات أقوى من فعل 'مولات الطرشة ' ويُسَبون ويُشتَمون بالعلن 'الله انعل دين امكم ،او تفو عليكوم او سيرو تق.. او ببزقة على الوجهه او تمرميدة بين صفوف المتعلمين والمتعلمات او بين المرضى بالمستشفيات ويلتقطون للطبيب والمدرس الصور من اجل الاستمتاع والانتشاء بها .. وينتظر الموظف المسكين مجالس تأديبية لعقوبات بديلة كالبستنة ..و .وقس على ذلك باقي المؤسسات ..
الحرمة انتهكت وطغا الفساد وتَغَول العباد ،وفي آخر 'التمرميدة' يسمع الموظف المسكين والطبيب والفقيه والإمام، والعين تدمع ،يسمع انت الكبير وهو الصغير وهو ابنك.. ويُقَبلون رأسه ويغلبه الحياء ويتنازل، ثم يمطرونه في ذات اللحظة بوابل من اللوم والتقريع: ما كان عليك أن تنزل لهذا المستوى، أو ما كان عليك أن ترد بالمثل، فأنت المربي وأنت الإمام والفقيه والطبيب مَلَك ُالرحمان وهو غير راض على البزقة التي أدمت كيانه وغسلت تاريخه بغبار 'الميحاط 'او' المنفوع ' ..آش هاد الذل ،آش هاد الويل آش هاد لخ...
الأمل كبير أن يأخذ القضاء مجراه في مثل هذه النوازل، لضبط السلوكيات المجتمعية، ولا يجب السكوت او التساهل أو حتى التسامح ،لأن الفعل سيتكرر،عند التنازل ، فالتسامح فقد قيمته كما فقد الاحترام قيمته، في مجتمع بدت الهوة فيه كبيرة بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون.